
زراعة الخير
الدكتور نبيل الكوفحي
…
عمل الخير يتسع كثيرا بحيث لا يمكن حصره بأنواع محددة، وهو انعكاس لحقيقة الإيمان، ومقياس اخلاقي لتقدم البلدان و الحضارات. مستمر متجدد لا يحده زمان ولا مكان ولا حال، يقول تعالى (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون).
مفهوم العبادة في الاسلام واسع ليس مقصورا على الشعائر التعبدية المعروفة فاستحضار النية الخالصة لله والاجتهاد في حسن اداء الاعمال، يسجل ذلك في ميزان الحسنات، لقوله صلى الله عليه وسلم ( انما الأعمال بالنيات، وانما لكل امرؤ ما نوى).
جاء الربط القراني بين اهم شعائر العبادات ؛ الصلاة وفعل الخير جليا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) له دلالة واضحة؛ أي ان فعل الخير عبادة مطلوبة، ومثوبتها عند الله فلاحا ونجاحا.
في إشارة الرسول – صلى الله عليه وسلم – الى عمل خير جماعي قبل الاسلام ايضا دلالة على وجوبه حتى مع غير المسلمين ان تحققت فيه المصلحة العامة للناس: ( لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت … )
في رمضان اجواء نفسية مساعدة على استجابة الناس لفعل الخير، واستدامته لاحقا؛ فمن بذل الصدقات، وإصلاح ذات البين، وبناء المساجد، لكننا ينبغي ان لا نتوقف عند هذا والذي غالبه يقوم على انفاق المال فقط، فالجهد والعمل الطوعي ايضا من فعل الخير:
فالحفاظ على البيئة ونظافة الطرقات والأماكن العامة،
وتخفيف أزمات المرور والإفساح في وقوف المركبات،
والحفاظ على الممتلكات العامة والإبلاغ عن المخالفين، والإبلاغ عن العبث ومرتكبي الجرائم والسلوكيات المنحرفة، والتعاون بين كل سكان حارة أو حي لحل مشكلاتهم،
والتبرع بتجميل المدينة وبناء المرافق العامة وزراعة الاشجار في الاماكن العامة وغيرها كثير، كلها أعمال خير مطلوبة.
وهي ليست وظيفة البلديات او المؤسسات الرسمية فحسب بل مطلوبة من المجتمع ومؤسساته الاهلية
كم هو جميل ان يبادر كثير من المواطنين والجمعيات والشركات في اعمال خير عامة خارج الاطر المألوفة كالتي تركز على اطعام المحتاجين فلا حدود لاعمال الخير، وكم هو مثمر ان يبادر الأبناء لاستمرار اعمال والديهم بصدقات جارية على شكل مشاريع ذات افكار خلاقة، تترك اثرا مستمرا الى قيام الساعة. في الحديث الشريف ( إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها).
وتقبل الله صيامكم، وفعل الخير منكم