رمانة ومرجانة والتنمية الاقتصادية في الأردن

رمانة ومرجانة والتنمية الاقتصادية في الأردن
وصفي خليف الدعجة

من معيقات التنمية الاقتصادية في الاردن الخلل في الهيكل الاقتصادي للدولة و النمو المتسارع للسكان وعدم وجود رؤوس أموال قادرة على الاستثمار الحقيقي في الاردن و سوء الإدارة وانتشار الفساد بشكل كبير وانعدام الثقة بين الحكومات الاردنية المتعاقبة وبين ابناء الشعب و عدم كفاءة الانتاج ومنافسته لعدم وجود رأس مال حقيقي اضافة الى ديون الدولة المتراكمة والتي تعدت الى ارقام فلكية وخضوع الدولة لمراجعات دورية من قبل صندوق النقد الدولي وغياب حقوق الملكية وحماية حقوق المستهلك.

جهود التنمية يجب ان تقوم على العلم ان اردنا لها ان تثمر والواقعية ركيزة اساسية في التفكير العلمي ،فما لم يكن التفكير مطابقا للواقع انتفت عنه العلمية وبات جهلا والواقع هو نتاج العلاقة الجدلية بين مكوناته ولذلك تبدأ الواقعية من الاعتراف والقبول بوجود هذه المكونات بغض النظر عن زمن استحداثها ومن ثم دراستها على اعتبار ان كل مكون من مكونات هذا الواقع ما هو الا تجسيد ثقافي له جذروه وامتداده المادي والمعنوي .

تغيير الواقع هو في حقيقته تغيير للعلاقات القائمة بين مكونات الواقع دون اي إنقاص او اضافة وعليه فالتنمية الواقعية هي ادارة العلاقات الجدلية القائمة بين مكونات المجتمع في سبيل تغيير الواقع القائم ولهذا لا يمكننا النظر الى اي مكون من مكونات الواقع وكأنه كيان يمكننا التخلص منه بمجرد هدمه أو فرضه بمجرد بنائه .

التنمية الواقعية تفرض علينا بذل الجهد المستمر في متابعة وتحليل العلاقات الجدلية بين مكونات مجتمعنا وكيفية إدارتها لحل المشكلات التي تواجهنا ،الى جانب متابعة وتحليل العلاقات الجدلية بيننا كمجتمع وبين المجتمعات الأخرى كمكونات للمجتمع الإنساني وكيفية ادارتها لحل المشكلات التي تواجه الاجتماع الإنساني بعامة .

يلجأ الانسان إلى القوة احيانا لتغير مكونات الواقع الذي يعيشه أو الى الحيلة والخدعة في أحيان أخرى ويلجأ إلى التوافق والتراضي ايضا والتنمية الواقعية ترى ان نتاج هذا التغيير مكونات جديدة للواقع غير مخطط لها وعادة ما تفرز هذه المكونات الجديدة مشكلات لم تكن موجودة بالواقع الذي نعيشه والتي تحتاج لحلها الى برامج ومشاريع تنموية جديدة .

اكثر اسلوب ميسر لحل مشكلات التنمية والحد من تفاقهما وتشعبها هو اسلوب التوافق والتراضي ، أما أسلوب القوة والفرض أو اسلوب الحيلة والخداع فمجرد محاولة للسيطرة على المشكلة وليس حلها مما يزيد من تفاقمها وتشعبها والشواهد الحية على ذلك كثيرة في الاردن.

ينبغي أن يكون هناك تعاون بين الحكومة الأردنية وأفراد المجتمع لتحقيق التنمية بهدف تحسين كافة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وأيضا الثقافية في المجتمع، لذلك نجد أن هناك تفاوت في القدرة على تحقيق التنمية فالدول المتقدمة أصبحت على ما هي عليه بفضل تحقيقها للتنمية على أفضل وجه، بينما في الاردن لا زال هناك معوقات تحد من وصولها إلى تحقيق التنمية المرجوة، مما جعلها من الدول المتأخرة في الكثير من المجالات لعدة اسباب أهمها عدم الأدراك الحقيقي لأهمية التنمية في حياة الناس وثانيها عدم التزام الحكومات الاردنية ببرامج ومشاريع التنمية اضافة الى جهلهم وعدم فهمهم لحاجات المجتمع الأساسية أضافة الى وجود حالة مستعصية من اللامبالاة في الدولة لمصداقية ونزاهة التنمية فيها .

واخيرا لا اجد اجمل من قصة رمانة ومرجانة في وصف مكونات الواقع والتنمية في الاردن واسباب الفشل الذريع في احداث النقلة الاقتصادية النوعية التي يطوق لها الشعب الاردني منذ سنوات ، و القصة على النحو الأتي..

رمانة إبنة شيخ قبيلة لدغها عقرب في ثديها ، فتعبت من
اللدغة. فقال أبوها : إحضروا الحكيم ليعالجها ،، حضر الحكيم
وأبهره جمال بنت الشيخ فـوسوس له الشيطان ..

فقال الحكيم: أنا لا أعالج إلا بطريقة ( الشفط ) لإخراج السم
حاول أبوها أن يقنعه بطريقة أخرى للعلاج غير طريقة(الشفط) لإخراج السم ، لكن الحكيم أنكر وقال أنا لا أعرف إلا هذه الطريقة ..
ولما كان تعب البنت شديد ، إستجاب أبوها وهو مكره حيث أجبره حبه لإبنته على الموافقة ، فشفط الحكيم ثدي رمانة وبالغ في ذلك كثيراً بحجة إستخراج السم وتم شفاء رمانة ولكن ..

وبعد فترة من الزمن لدغت عقرب مؤخرة جدة شيخ القبيلة ذاتها وكانت عجوز سمينة تدعى ( مرجانة )
وكان الجو حاراً في عز الصيف ..

قال شيخ القبيلة: الآن أريد الحكيم الذي عالج رمانة شخصياً ..

وحين جاء الحكيم قال له الشيخ: أليس لديك علاج غير
( الشفط ) ؟

قال الحكيم : العلاج عندي بالشفط فقط ولا أعرف غير الشفط ، لإعتقاده أن المريضة هي رمانة ، فقال الشيخ: إحضروا : ( مرجانة ) ولما أتت ( مرجانة ) قال شيخ القبيلة: هيا إبدأ العلاج ( بالشفط ) فقال الحكيم: لا لا لا لا لا لا هناك طرق أخرى…
قال الشيخ: والله ما لم ( تشفط ) مؤخرة ( مرجانة ) مالك غير هذا السيف…
( فشفط ) مُكرهاً مؤخرة ( مرجانة )؟!

فضرب هذا المثل !
ماجاء من ثدي رمانة ضاع في مؤخرة مرجانة …..

ملخص القصة.. أن كل من شفط وسرق خيرات بلده مستغلاً ضعف الناس سوف يأتي اليوم ليلعن فيه عن نفسه ..فزمن رمانة سينتهي وزمن مرجانة قادم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى