.في المزاد العلني

[review]
مقال يوم الاثنين 23|1|2012

مكتئب ومحبط هذه الأيام، أقضي معظم وقتي مرميا على فرشة اسفنجية، لا استقبل ضيفاً ولا أودع زائرا، اقلّب المواقع و»المواجع» على كمبيوتري، أهرب من «قرف الأخبار»  إلى كتب الصرف، والتاريخ،والطب الشعبي،يداهمني الملل بعد قراءة صفحة او صفحتين،  أترك علامة في ترويسة الصفحة وأغلق الكتاب، أتمشى في عرض الغرفة محدودب الظهر مهزوم المعنوية مثل سجين عتيق يفكر في طريقة للهرب أو اغتيال السجّان..وعندما أشعر ان خطواتي بدأت تضيق،والجدران تخادعني، أعود لأنزوي في زاويتي من جديد…أقتات على التصبر والتعوذ من التفكير السليم..
مع أني أفقد وزني بطريقة عجيبة الا ان كل شيء يضيق علي، غرفتي،سريري،حزامي، بنطالي، حتى قميصي مهما اتسع يظل «يشوكّني»،ومع أني أقرأ عشرات الأخبار يومياً الا أني ما زلت أكتب مقالات متشابهة، في ظروف متشابهة، لأحداث متشابهة، وآكل وجبات متشابهة وأمارس طقوساً متشابهة، حتى  ردودي على من أعرفهم صارت مملة ومتشابهة.
 عيناي غائرتان في حجريهما، وشواربي ذابلة ومتناثرة «كعرق بقدونس»، و فمي  يصدر صريراً قوياً عند التثاؤب،كبوابة صدئة.. أما دماغي فمجرّد «زريبة» افتحه أول النهار وأغلقه آخر النهار بعد ان اعلف  شياه أفكاري صمتي، واصب لها في المشارب بعضاً من شخصيتي  الداجنة…
لقد فقدت شهوتي تماما على النزال و المقارعة..يضحك علي «بائع الملفوف» ولا أجادله، يغبنني عامل الكازية ولا أراجعه، يرشقني باص الأمن العام بالماء الموحل، ولا أنبهه، يشتمني سائق «افانتي» فلا اكترث له.. حتى القطط لم اعد بنظرها نداً جيدا..فكلما مررت من أمام أحدها لم يحرك ساكناً ولم يؤهب ذيله للانطلاق فقط يكتفي بنظرة استعلائية من عينيه الخضراوين قائلاً في سره: « سبعك  بهالهيبة الزالة»، حتى الدجاجات صرن يحضرن الى وسط الغرفة دون خوف أو توجّل ويأكلن عشائي الأخير..
***
بعد أن «استوطا حيطي» الفاسدون والمنافقون وسماسرة الوقت، وجعلوني انساناً منزوع «الألم»،لم يعد لي شيء أقاتل لأجله..لقد قررت أن أعرض»حيطي»  للبيع في المزاد العلني.

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى