رسالة مفتوحة الى مجلس التّعليم العالي في الأردن / أ.د. محمود الكوفحي

رسالة مفتوحة الى مجلس التّعليم العالي في الأردن
تعليقا على ماتناقلته وسائل الاعلام في الايام الاخيرة حول قرار مجلس الامناء في الجامعة الاردنية في جلسته الاخيرة باعفااء الدكتور غالب صويص من مهامه الإداريّة كنائب لرئيس الجامعة لشؤون الاستثمار بناء على طلب من رئيس الجامعة، وعلى الطريقة التي تم فيها اتخاذ القرار، فانني اتساءل: “هل يجوز ان يكون الخصم قاضيا؟”… لقد جاء في الخبر المنشور في الصحافة الالكترونية ان رئيس الجامعة قام بادراج قرار اقالة الدكتور صويص من منصبه تحت بند ما يستجد من اعمال، حيث تم اعتماد القرار بأغلبية اربعة الى ثلاث اصوات. ومايثير الريبة حول شرعية هذا القرار والتصويت الذي تم، هو ان الاربعة اصوات التي صوتت مع الاقالة كان من بينها صوت رئيس الجامعة نفسه وصوت عضو آخر في المجلس من اقارب رئيس الجامعة، مما ينفي عن القرار الموضوعية والمصداقية والشفافية المأمولة من مجلس اكاديمي رصين كمجلس امناء الجامعة الاردنية، لان الرئيس كان طرفا في الخلاف، كما هو مبين ادناه، ولايجوز ان يكون خصما وقاضيا في آن واحد…
من الواضح ان هناك خلافات شخصية بين الرئيس ونائبه دفعت بالرئيس الى الطلب من مجلس الامناء انهاء خدمات الدكتور صويص كنائب رئيس لشؤون الاستثمار على النحو الذي تم. ووفقا لما هو منشور في صحيفة “طلبة نيوز” فان الدكتور صويص قد عوقب بسبب قيامه بتقديم معلومات عن أداء ادارة الجامعة للجنة التقييم المكلفة من مجلس التعليم العالي دون اي اخفاء للحقائق… والذي اعتبر امرا سلبيا وغير مقبول من وجهة نظر رئيس الجامعة… وكأن المطلوب من الدكتور غالب صويص في موقعه كنائب رئيس لشؤون الاستثمار للجامعة ان يكذب ويتلاعب بالحقائق امام لجنة التقييم لينال رضى رئيس الجامعة… اعتقد ان الدكتور غالب صويص يستحق ان يشكر على صدقه وصراحته وجرأته في تقديم المعلومات عن اداء ادارة الجامعة للجنة دون اي اخفاء للحقائق… وهذا هو مايشهد به للدكتور صويص كل من عرفه طيلة حياته كانسان يتميز بالصراحة والنزاهة والجرأة في قول الحق… اما ان يعاقب على صدقه باقالته من منصبه فهذا هو الظلم بعينه وهذا مالايقبله عقل…
ولمن لايعرف الدكتور غالب صويص اقول: هو من الاساتذة المتميزين في الجامعة الاردنية، متخصص في ادارة المشاريع والانتاجية. ويحمل درجة الدكتوراة في ادارة المشاريع من جامعة نورث وسترن في الينوي، وهي من اقوى 20 جامعة على مستوى العالم في تخصص ادارة المشاريع، كما يحمل درجتي الماجستير والبكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة الينوي/شيكاغو، وكان من الاوائل بين الخريجين بمعدل 4.8/5.0، ولديه اكثر من 30 بحثا علميا رصينا منشورة في المجلات العلمية المحكمة المتخصصة في الهندسة المدنية وادارة المشاريع والتخطيط والاقتصاد الهندسي والدراسات الميدانية المتعلقة بالانتاجية… وهو من المدرسين المتميزين في الجامعة الاردنية الذين يحظون باحترام وتقدير طلبتهم وزملاءهم في العمل. ونظرا لتميزه الاكاديمي وسجله العلمي، فقد اختير ليكون نائب رئيس الجامعة الاردنية لشؤون الإستثمار حيث باشر منذ توليه مهام منصبه العمل في ادارة مشاريع الجامعة الخاصة بالاستثمار بكل امانة وكفاءة واقتدار.
لقد واجه الدكتور صويص تحديّات عديدة اثناء عمله كنائب رئيس لشؤون الاستثمار بناءاً على ما ورد على الموقع الإخباري “طلبة نيوز” عبّر عنها في المعلومات التي قدمها الى لجنة التقييم المشكلة من مجلس التعليم العالي بكل شفافية وامانة ومسؤولية، فهذه اللجنة هي جهة اختصاص تمثل المرجعية العليا للتعليم العالي في الاردن ومن حقها ان تعرف الوضع على حقيقته دون زيادة او نقصان. ولايجوز للدكتور صويص او اي شخص آخر في موقعه ان يخفي المعلومات عن اللجنة او يتلاعب بها. وكان المامول من ادارة الجامعة ان تتصدى لهذه العقبات وتذللها واحدة واحدة، لا ان تعتبرها اسرارا لايجوز البوح بها لاي لجنة من التعليم العالي… وان تشكر الدكتور الصويص على قيامه بواجبه… من هنا، فإن مجلس الامناء للجامعة الاردنية مطالب بالرجوع عن قراره بحق الدكتور غالب صويص لانه قرار خطأ بكل المقاييس… ورد الاغتبار للدكتور صويص بتثبيته في موقعه وتمكينه من اكمال مدته القانونية كنائب لرئيس الجامعة لشؤون الاستثمار…
ختاما، لقد عاصرت التعليم العالي والجامعات في الاردن خلال نصف قرن من تاريخها، طالبا ثم استاذا جامعيا، رئيس قسم اكاديمي ثم عميدا، واعتبر نفسي ممن يستطيعون الحديث عن التعليم العالي والجامعات في الاردن حديث المختص الذي عاش هذا التاريخ… انني اعي جيدا اهمية الاستقرار الوظيفي ودوره في التخطيط السليم والوصول الى الابداع والانجاز، لقد كان لمواقع صنع القرار الاكاديمية في الجامعات هيبة وحصانة، في عصرها الذهبي في العقدين الاخيرين من القرن الماضي، حيث كان صناع القرارات في الجامعات من رؤساء ونوابهم وعمداء كليات ورؤساء اقسام يكملون مددهم القانونية دون تدخل من احد فكان ذلك سببا في ابداعهم وفي تميز جامعاتنا في تلك الفترة… لكن جامعاتنا بدأت ومنذ العام 2000 بالتراجع التدريجي بشكل متواصل، بسبب فقدان الهيبة والحصانة للمواقع القيادية فيها، مما ادى الى تراجع الاداء لصناع القرار فيها… اعتقد ان مجلس التعليم العالي مطالب الآن اكثر من اي وقت مضى باعادة الهيبة والحصانة والامان الوظيفي لمواقع صنع القرار في جامعاتنا… والله من وراء القصد..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ابدعت بروفيسور محمود، امثال الدكتور غالب صويص ليس لهم مكان في حلقة صناع القرار في الدوائر الحكومية. يبغونها عوجا. و الى الدكتور غالب، شكرا من مهندس اكاديمي مغترب يفهم و يعي تماما الظلم الذي تمر به. لا تهن و لا تحزن فإن الله معك و مع كل اصحاب الضمير.

  2. اشكرك م. بلال البطاينة على مرورك الكريم وارجو ان اوضح هنا انني لا اقصد اي اساءة الى شخص الرئيس ولا الى اي طرف آخر… كما اشرت في نهاية الرسالة اعلاه، فانني اعتقد ان المدة القانونية حق للرئيس وحق ايضا لنوابه وللعمداء ولرؤساء الاقسام… وان احترامنا لهذه المدد يعطي للوظائف القيادية هيبة وحصانة تمكن المسؤولين من الانجاز… وقد ادىعدم احترام المدد القانونية للوظائف القيادية هذه الى تراجع الجامعات خلال الخمس عشرة سنة الاخيرة… وبعد استكمال المدة القانونية يمكن اصدار التقييم بفشل او نجاح اي مسؤول برايي..

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى