ردا على مقال للأستاذ اسماعيل ابو بندورة بعنوان” وحدة التيار القومي بالوطن العربي”
حتى تكتمل الصورة لدى القارئ الكريم ولا يستحوذ على الحقيقة أحد نود أن نسلط الضوء على القومية العربية من منظور مختلف عما جاء في مقال الأستاذ اسماعيل. وإن شاء الله سنكون منصفين ونقدم للقارئ الكريم معلومات لم تذكر في مقال الأستاذ اسماعيل ونترك الحكم للقارئ حول القومية العربية التي يريد الأستاذ اسماعيل إحيائها والنهوض بها وبعثها من جديد.
القومية العربية
ظهرت بدايات الفكر القومي في الوطن العربي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين متمثلة في حركة سرية تألفت من اجلها الجمعيات والخلايا في عاصمة الخلافة العثمانية, ثم في حركة علنية أدبية تتخذ من دمشق وبيروت مقرا لها. ثم في حركة سياسية واضحة المعالم في المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس سنة 1920م. وقد ظلت الدعوة إلى القومية العربية محصورة في نطاق الأقليات غير المسلمة, وفي عدد محدود من أبناء المسلمين الذين تأثروا بفكرتها. وكان هذا لأنها تريد القضاء على الخلافة الإسلامية فكان هذا هو هدفها الأول, ولم تصبح تيارا شعبيا عاما إلا بعد تبني الدعوة إليها الرئيس المصري جمال عبد الناصر حيث سخر لها أجهزته الإعلامية وإمكانات الدولة آنذاك.
وفي نفس الوقت ظهرت الحركة الطورانية التي دعت لقومية الأتراك ومن المفارقات العجيبة أن كل المنتسبين للحركة الطولانية لم يكونوا من الترك أنفسهم بل كانوا يهود يعلمون حقيقة العلم ماذا فعلت القومية باوروبا من تمزق وتشرذم وحروب . فصدروها للعالم العربي والإسلامي لتكون معول هدم في جسد هذه الأمة.
ومن أشهر الجمعيات القومية هي جمعية العربية الفتاة التي وصلت للحكم في سوريا عن طريق أحد أبنائها وهو شكري القوتلي الذي وقع ميثاق جامعة الدول العربية وبعده جاء انقلاب حزب البعث واستطاع بقيادة ميشيل عفلق أن يؤسس لفكرة عقدية تحكم الان سوريا وله وجود قوي في ليبيا والسودان وموريتانيا ولهم وجود هامشي في باقي الدول العربية.
يعلي القوميون من شان رابطة الدم والجوار واللغة والسكن على حساب رابطة الدين, وإن كان بعض كتاب القومية العربية يسكتون عن الدين, فإن بعضهم الآخر يصر على إبعاده إبعادا تاما عن الروابط التي تقوم عليها الأمة بحجة ان ذلك يمزق الأمة بسبب وجود غير مسلمين في الوطن العربي.ويتمثل كثير منهم قول الشاعر القروي:
هبوني عيدا يجعل العرب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم
سلام على كفر يوحد بيننا أهلا وسهلا بعده بجهنم
لقد نادى القوميون وملئوا الدنيا صياحا بأن الدعوة القومية ستحقق لمعتنقيها كل السعادة وأنهم سيعيشون في جنة عالية وعز لا يرام إذا طبقت الشعوب القومية.ولكن هل تحققت تلك المزاعم لأي قومية من القوميات ونخص بالذكر هنا القومية العربية؟
لا ينسى التاريخ أبدا ان كل هزائمنا الحربية والإنتكاسات كانت في ظل القومية وفي ظل الحكم القومي. فمن هزيمة الحرب في ال 48 وضياع فلسطين وهزيمة ال 56 وهزيمة ال 67 وضياع الجولان وسيناء وجنوب لبنان سنة 82. ومن تقسم العرب وتشرذمهم و موالاتهم للأجنبي الغازي, ومن تقسيم العرب لقسم مع حلف بغداد وآخر ضده. وتقسيم العرب لقسم مع المعسكر الشرقي وآخر مع المعسكر الغربي. ونحن في الأردن عانينا الأمرين من القوميين العرب فهم السبب الرئيسي في سقوط وفشل أول حكومة برلمانية برئاسة سليمان النابلسي سنة 1956, فقد كانوا يوالون المعسكر الشرقي المتمثل بالإتحاد السوفييتي ويعقدوا الإجتماعات السرية معه ويتحالفوا معه في حين كانت الرؤية الملكية تخالف تلك التوجهات مما أدى في النهاية لإفشال اول تجربة ديمقراطية في الأردن.
ولا أريد الإطالة فالحديث له أبعاد كثير جدا ولكني أختم بقول سلمان رضي الله عنه:
أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا إفتخروا بقيس أو تميم