راس براس

مقال الاثنين 31-12-2018
راس براس
اليوم ، سيُبحّ صوت هاتفي النقال لكثرة الصفير المتواصل أثناء استقباله رسائل التهنئة بالسنة الجديدة ، سيستقبل الغث والسمين ، نكات طازجة، طرائف سمجة ،نهفات مكررة ، خوازيق خشب، صور مدبلجة ، وورود اليكترونية تتلف جميعها في اليوم التالي عند تفريغ “جاليري” الهاتف..
العمر مثل “الحكومة” ماضٍ بما يريد دون أن يستشيرنا، والسنة الشمسية “مسؤول متعجرف” لا تنصت للأمنيات ولا لعبارات السعادة ولا تبتسم للفقراء هي تمضي بكبرياء و تدوس على الخط الأحمر من حياتنا ، السنة خزانة ثقيلة مكونة من 365 درجاً تحملها على ظهرك مرغماً ..كل يوم يُفتح لك درج وأنت ونصيبك..درج أدوية ،درج مال، درج فواتير، درج إقالة، درج “كلبشات”..انت وحظك..
ولأنني لست ممن يحتفون كثيراً بالأيام المتساقطة من روزنامة العمر ، ولأنني من سلالة لا تعمّر في الخلق طويلاً..لذا فقد أختصرت طقوسي في رأس السنة على بعض الفعاليات البيتية.
مع غروب شمس الحادي والثلاثين من كانون الأول ، آخذ فردة الشبشب الشمال وأضعها تحت الفرشة ، أرفع الفروة على كتفي قرب صوبة الفوجيكا وأناوب على تأجير ردنها الأيسر لأصغر ثلاثة من إنتاجي البشري..يختبئون قربي ،يتدفئون، يشاغبون ، ثم أطردهم وأدوزن القعدة..إبريق شاي بميرمية ينفث بخاره بشكل متواصل كرياضي مجتهد ، أما صحون “دوار الشمس” فتتقلّب ذات اليمين وذات اليسار ،وعندما “تتشرّم” البراطم وينخر الملح اللثة، نكف عن “التفصيم” ..و نستقبل ثلة من حبات برتقال أبو صرة ، محطات التلفزيون غارقة في البذخ وفي الاحتفالات المبهرة و الأضوية الملونة والسعادة المفرطة ، وأنا احتفالي تقشّفي يصلح أن يكون سهرة عادية في “كسارة حصمة” وليس في منزل ، ثم أن هيفاء وهبي تغني بملابس لا تزيد سمكاتها عن “شرشف طاولة الوسط” وأنا أرتدي فروة، هي على المسرح ودافئة وأنا قرب الصوبة وأرتجف برداً ..لذا أفضل محطّة تناسب وضعي هي “ناشيونال جيوغرافيك” وحلقة خاصة عن لغة التخاطب بين الضباع…في الساعة قبل الأخيرة، يحضر صحن عوّامة بيتيّ الصنع ، حبّاته ليست دائرية كما يجب وغير منتظمة كالمألوف ، إنها تشبه الانفجار الشمسي أو بكتيريا الجمرة الخبيثة على وجه التقريب، نأكلها، نتحلّى ، مقرمش غير مقرمش، نريد أن نحتفل على قدّنا ..تمتزج رائحة زيت القلي بصوت الضبع الذي “يخمخم”حول أنثاه ، بصوت الدلف في الصالون على الطشت الأزرق بقرط أحد الأولاد لكعكة مسمسمة تشبه حرف “s” بالانجليزي..
الوقت يمضي بطيئاً كآخر نقاط الزيت في إبريقنا الأخضر..الساعة الثانية عشرة الا ثلاث دقائق، العقرب يتحرك ببطء..ها..ها..ها..ها..اقتربت، اقترب، التقى العقربان عند الساعة الثانية عشرة…هنا رفعت الفرشة قليلاً…أخرجت “فردة الشبشب” طاااااخ…
– هي : مالك يا زلمة!
– انا: سمطتها
– هي: مين ذربت ؟
– أنا: السنة….من اول ما بلّشت سمطتني 100هواة..قلت خليني أسمطها هواه وهي مقفيه..عالقليلة اطلع انا وياها “راس براس”..

“أفرشيلنا يا مره..خننغمد!”

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى