رائحة الجمعة

#رائحة_الجمعة
سواليف الإخباري/ أحمد حسن الزعبي
مقال الخميس 2 / 3 / 2023

هل تشتمّون رائحة الأيام القديمة مثلي ؟.. هل تصدّقون أن ليوم الجمعة في ذاكرتي رائحة؟؟..القهوة السادة ..رائحة الهيل المطحون..#خبز #الطابون..صوت “هاون النحاس” ..والمنشاوي يقرأ سورة الكهف من الراديو “البناسونيك” على مهل..رائحة معجون حلاقة أبي..الكالونيا ..”شفرة التمساح”..وحجر”الشبّه” لإطفاء بعض الجروح الطفيفة أثناء الحلاقة كل ذلك في ذاكرتي..
كنّا نذهب باكراً الى #المسجد لنسمع درس الجمعة ،تأخذنا دهشة النظر الى #القبة ، وأعشاش الحمام على الشبابيك ، كان الكلام جميلاً وجديداً بالنسبة لنا ..كنا ننظر الى الشيخ المبروك بكثير من القداسة ، لأنه كان طيباً بالفطرة ،صادقاً بدعوته..يصعد درجات المنبر واحدة واحدة يمسك بالعمود القريب ويتلوا خطبته الشفهية بصوته المميز المبحوح، كنا نتمنى أن نلمس عمامته الملفوفة بعناية ترى ما الشيء الأحمر في داخلها؟ لاحقاً اكتشفنا أنه طربوش ..كان خطيب الجامع العمري الكبير في الرمثا الشيخ “أبو العيش ” رحمه الله ،عالم جليل بسيط صادق يخاطب الناس بلهجتهم يتطرّق إلى مشاكلهم يحبه آباؤنا ويحبهم..وعندما يتم صلاة الجمعة يتسابق المصلّون لأنه يدعونه على الغداء بكل حرارة وصدق ويصرّون على مرافقهتم إلى بيوتهم ..وكان شيخاً خجولاً يقبل الدعوة ولا يمانع ..انه الحب الصادق..والفطرة السليمة..
في يوم الجمعة ، وفور خروجنا من الجامع كانت نقاط المطر تدغدغ وجناتنا ، يشتد قليلاً، فنشتد في مشيتنا هروباً من المطر واشتياقاً الى غداء الجمعة المميزالذي يكون جاهزاً بعد الصلاة مباشرة ..فخذ الدجاج “غنيمة” والسفينة “صيد ثمين”..والرأس للقناص ..الظهر يحتاج ميكانيكي أما رقبة الدجاجة فكان لها تقنية خاصة “بالفصفصة”..وما أدراك ما عملية استدراج “السمرة” فكانت تريد ذكاء مختلف من الحفر تحتها وازالة العوائق حتى تتدحرج ناحيتك وكأن النصيب قد قادها اليك… لم أر ألذّ من طعم “حكاكة المقلوبة الملتصقة في قاع الطنجرة”..خاصة أيام الشتاء..ولم أعش أجمل وأدفأ وأسهل وأكثر طمأنينة من تلك الأيام..عندما كان أبي وأمي..هما أرضي وسماءي..وأنا آدم الذي كان يعمر الأرض كلّها..

#أحمد_حسن_الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى