شهداء الوطن/صالح عربيات

ياشهداء الوطن.. لم تستشهدوا وأنتم تطاردون المهربين، ولم تستشهدوا وأنتم تلقون القبض على متسللين؛ بل تركتم المال والأهل والعيال، وسارت أرواحكم إلى حيث الدفاع عن الدين والعروبة والهوية، هنا نترك التاريخ ليذكركم، حين طافت أرواحكم بالصحراء بحثا عن إعلاء كلمة الحق، وهنا نترك المجد ليحضنكم، حين طوعتم أعالي الجبال وقسوتها لترفعوا عليها شواهد مجدنا وفخرنا، وهنا نترك الكرامة لتشكركم، فقد قدمتم لنا درسا أن الكرامة لاتباع ولا تشترى، بل الكرامة لم تكن أنبل صفات الكرماء إلا بتضحية وطهارة دماء الكرماء..

يريد المتربصون خليجا فارسيا من البحر الى البحر، ولم يعلموا أن البقاع التي أنجبت أطهر الخلق، وعلى رمالها سارت أولى طلائع المجد، ومن فجر التاريخ أرادها الخالق واحات للإيمان والخشوع؛ ستبقى أصايل العرب تلد لنا حماة الوطن والدين حتى يرث الله الارض ومن عليها، وسيبقى نسل خالد بن الوليد، وصلاح الدين، وزيد بن حارثة، يسري فينا.. ويجدد ذاكرتنا الحية في أنكم بلاد التضحية دون الحساب، وبلاد الجهاد دون فضل أو منّة.

شكرا لكم، ونحن ندرك أن شجاعتكم ما كانت الا هبة للأمة ونصرة للحق، شكرا لكم، ومن بدر وأحد والخندق كنتم ومازلتم سيف عدلنا ونصرنا، شكرا لكم، ومن تحت لهيب الشمس ووحشة الصحراء وظلم أولي القربى كنتم وما زلتم فرسان خيلنا التي ثارث دفاعا عن الحق.. شكرا لكل من استشهد، حتى أصبحت الصحراء مزار الانبياء، شكرا لكل من حفظ الوعد والشراكة، حتى أصبحت الصحراء ممرا إيمانيا لحجاج بيت الله الحرام، شكرا لكل من أنجبت لنا بطلا وشهيدا، حتى أصبحت الصحراء خضراء بدماء الشهداء.

مثل قمر الصحراء.. وهو يؤنس عتمة الليالي المظلمة، مثل غدير الماء.. وهو يطفئ ظمأ العطاشى، مثل زهر الارض، وهو يحكي ما في قلوب العشاق، مثل صوت الأذان، وهو يداعب قلوب الخاشعين، مثل صهيل الخيل، وهي تنادي فرسانها، مثل هيل القهوة، وهي تعطر فنجانها، مثل النسمة العليلة، وهي تخفف ظمأ الصائمين.. انتم يا شهداء الوطن.

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى