داعش والحرب الكونية / د.رياض ياسين

تصاعد الهجمات الإرهابية ضد الأهداف المدنية الحساسة يشير بوضوح الى رسائل ذات مغزى سياسي واستراتيجي لتنظيم بات على موعد مع إحداث اختراقات مهمة في اكثر من منطقة في العالم،والسؤال المطروح هل ثمة علاقة بين حادثة بلدة القاع اللبنانية وحادثة “أورلاندو” الأميركية، وحادثة «شارلي أيبدو» الفرنسية، ومطار بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي ،واخيرا وليس آخرا مطار أتاتورك في اسطنبول، هذا ناهيك عن بعض الاهداف لنقاط عسكرية كما حدث في الاردن مؤخرا. ما الذي يعنيه الضرب بكل الاتجاهات ،هل حانت لحظة تصفية التنظيم وتجفيف منابع قوته ،بدليل خسارته الفلوجة أهم معاقله في العراق وانكفائه الى الشمال حيث الثقل الداعشي في الموصل، وهل سيكون التنظيم في مرمى نار”مركز تنسيق بغداد” الروسي الإيراني مع ميليشيات موالية لإيران، حيث تزامن ذلك مع الهجمات والاشتباك مع التنظيم في العراق ،هناك اشتباكات من أكثر من جهة مع داعش في شمال سوريا من قبل قوات سوريا الديموقراطية وقوات موالية للنظام السوري وحزب الله وغطاء جوي روسي،فهل سيبقى التنظيم صامدا امام كل هذه الضربات،والمشكلة إذا ثبت أن تفجيرات اسطنبول الاخيرة نفذها داعشيون،فهل سيكون ذلك بداية معركة جديدة سيشنها الأتراك خاصة بعد ان حدث التواصل التركي الروسي،فهل ستوحد داعش الكل ضدها مرة أخرى أم حانت ساعة الصفر للإجهاز على داعش ومحوها من حيث الكيانية العسكرية تماما من مناطق نفوذها في سوريا والعراق. الإرهاب ليس له هدف محدد والتنظيم الداعشي يضرب بكل الاتجاهات دون حساب الا لمجرد الضرب في كثير من الاحيان ،الدليل أنه يخسر متعاطفيه في كل مرة، وربما هذه الضربات العشوائية مؤشر على إفلاس توجهاته وضبابية أهدافه،فما علاقة ضرب معسكر قرب حدود الأردن يستقبل لاجئين مع ماجرى في اورلاندو او القاع او استنبول، وماالرابط بين كل ذلك؟ الرابط بين هذه الاهداف لايمكن فهمه الا من خلال ان هذا التنظيم ليس محليا في توجهاته، فهو العالمي من حيث السعي لخلق خطاب ديني متعولم ، فهو يوصل رسالة انه يحارب العالم ويسعى لتفكيك تلك الإمبريالية المتعولمة المتأمركة» وعلى الجهة الاخرى وجد نفسه امام عدو آخر هو الدب الروسي والإسلام الشعي وحلفائه. وقد يقول البعض ان دولة داعش وتنظيمها لا ينحصر في العراق والشام بل اخذ شكلا عالميا، فالفكر الداعشي منتشر في كل اصقاع العالم، ومن هنا فالاستخفاف بالتنظيم سيكون بهذا المعنى مثيرا للشفقة. أثبت تنظيم داعش انه بمنتهى الغباء السياسي،ومن هنا انتشر خارج مناطق نفوذه المؤقتة واستهدف اماكن في العالم توحدت ضده واصطفت بغض النظر عن تمايز حساباتها واجنداتها لتعلن ان عدوها الاول بات هذا التنظيم،وقد منح داعش رخصة لاستعدائه تماما بعد أن أفرط وتفنن في استعمال العنف، وعبقرية القتل بكل الوسائل والأدوات. داعش ليس لها حليف بعد كل ذلك ، وهي ربما ترى ان “الله” فقط هو حليفها ،ويتأكد ذلك انها لاتخوض حربا من اجل دولة أو شعب فهي تخوض حربا عالمية كونية فالكل اعداء وضرب الكل سيؤدي الى إرضاء “الله” الذي ستؤول اليه الأمور اخيرا. يبقى السؤال المشروع لماذا تلكأ العالم في حرب هذا التنظيم، وهل فعلا فشلت الاستراتيجية للأمم المتحدة والتحالف الدولي في محاربة الإرهاب من التصدي لهذا التنظيم، ولماذا تم تأجيل المواجهة الكونية مع هذا التنظيم الذي بات يضرب القارات الخمس طولا وعرضا. التخوفات الاخطر ان داعش لن يكون هو آخر تنظيم إرهابي وربما سيولد تنظيمات أكثر فتكا وإرهابا في عالمنا ،وربما ستساعد الحواضن في العالم العربي على ولادة هذه التنظيمات التي لن يكون العالم بأكمله قادرا على مجابهتها، فعشرات السنوات التي مرت على الدول العميقة العقيمة في منطقتنا ستجعلها ساحة لولادة كائنات غريبة شكلا وموضوعا ستقض مضاجع الأمن والأمن الذي بات حلما يراود بلادنا. rhyasen@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى