حماس الرابح الأكبر

حماس الرابح الأكبر

زايد الكركي

ما حصلَ في غزّة بالأمس يدلّ بما لا يدعو للشّك حماس لم تعُد كما كانت , فهي اليومَ أقوى بكثير وبذهنيّة جديدة , وأعتقد أنّها تخلّت عن ثوبها التقليدي فأصبحنا نرى بجانب الرجولة حنكة في إدارة #المعركة إعلاميًّا , حيثُ تمكّن فريق التواصل الإجتماعي قراءة ما تُفكر به #إسرائيل وأصبحت تسبقها دومًا بخطوة، فمثلًا كنّا قد اعتدنا أن تلهث حماس نحو وقف العدوان والهدنة، اليوم ربما كانت حماس بحاجة هذه الهدنة لكنها خرجت بمظهر اللامبالي لما قد تصل له الأمور وهذه سابقة وضعت إدارة نيتنياهو في حرجٍ شديدٍ أمام شعبها الممزّق داخليًّا. حماس المستفيد الأول ممّا جرى ولأول مرة تذهبُ هي إلى الحرب ولا تنتظرها ، فعادةً كانت تقوم بدور مُتلقي الضربات والدّفاع لكنها اليوم تبادر العدو وتدُكُّ حِصنه الواهن كبيت العنكبوت وتضربه بأنوع صواريخ متطوره جعلت من أكذوبةِ القبّةِ الحديدية أضحوكة أمام العالم أجمع , كما أنّنا اليوم ولأول مره نسمع عن جناح الأمن السيبرالي في حماس واستشهاد أحد قادته وهو أردنيُّ الجنسيّة وهذه سابقة ذكيّة حيث تمكن هذا الجناح من كشف عملاء اليهود الذين كان لهم دوماً دور في اضعاف قوّةِ حماس .

حكومة نيتنياهو أخرجت نفسها من اللعبة مبكّرًا بسبب وهمها بأنّها الأقوى والأصلب لتجد نفسها عاجزةً عن حماية دولتها وشعبها الّذين بدؤوا يرفعون الغطاء عن شرعيّة هذه الحكومة وتطرّفها تجاه الفلسطينيّن والعرب عامة، فالشعب اليهودي لا يُحبّ خوض معركة الموت والخوف فهو شعبٌ لم يستطع لليوم الوصول لقناعة تامّة بأن فلسطين أرضه وموطنه الدائم وهو مستعدٌّ لمغادرتها عند أول صاروخ يسقُطُ فوق رأسه.

مقالات ذات صلة

حماس اليوم لم تكتفي بأن تُخرج حكومة نيتنياهو المتطرّفة من اللعبة بل وأخرجت السلطة الفلسطينيّة من أدواتها أيضاً وجرّدتها من أي دور مستقبلي لها في القضية، فصار الفلسطينيّ يعتبرُ حماس الممثل الوحيد لقضيته بعدَ أن سعت السلطة وبعض الحكومات العربية لتصفيتها وشطبها بالتقادم ، فحماس استجابت لصوت حي الشيخ جراح ولنداء الأقصى وزلزلت إسرائيل بأنواع صواريخ جعلت الجميع ينظر لها على أنها الطرف الأقوى حين يذهب الجميع لطاولة الحوار، فالسلطة الفلسطينيّة التي تعتاش من مساعدات الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكنها أن تكون الطرف الأقوى أو الطرف صاحب الكلمة العليا والصوت الأعلى وستجد نفسها موافقة على ما يُطرح عليها مهما كانت النتائج قاسية ، حماس أيضاً قامت بخلط أوراق المنطقة فصارت الدول صاحبة العلاقة مع حماس وصاحبة ” المونه” عليها هي محور الحدث , فقطر التي حاول الخليج بتغطية أمريكيّة تصفيتها تماماً منذُ حين تلعب اليوم دور الوسيط المثالي مع حماس فهي الوحيدة التي تثق حماس بها في المنطقة، وما ينطبق على قطر ينطبق على القاهرة على الرغم من خلافها الحاد مع حماس إلا أنها وبسبب قربها من غزّة ووجود قنوات اتصال خفيّة مع حماس استطاعت أن تظهر ويعلو كعبها في المنطقة بسبب هذه العلاقة , على عكس دول أخرى كالأردن التي راهنت على أن دور حماس في أي حل هو دور ثانوي فذهبت نحو السلطة الفلسطينيّة ونحو الإتحاد الأوروبي المغلوب على أمره وأخيراً نحو الولايات المتحدة الأمريكية المنحازة تماماً لإسرائيل فخرجت من المعركة معزولة خارجيًّا وتحت ضغط الشارع داخليًّا.

في الختام خرجت المقاومة منتصره وأعادت لنا كعرب بريق أمل بأن شعوبنا التي انسلخت تماماً عن حكوماتها وقياداتها قادرة على قلب الطاولة على اليهود وبأن نواة تحرير تلوح بالأفق فهل نُصلّي في الأقصى قريباً , أعتقد أن الطريق صار مفتوحًا لذلك .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى