وقت الدجل السنويّ

وقت الدجل السنويّ

م. #أنس_معابرة

مع نهاية كل عام، وبداية العام الجديد؛ تكون البيئة خصبة لظهور العديد من المُنجمين و #العرافين وخبراء #الفلك و #الابراج اللذين يدعون قدرتهم على معرفة الأحداث المستقبلية، سواء أكانت على مستوى الشخصية، أو على مستوى الدول والمنطقة بأكملها.

ولا بد من الإشارة إلى عِظَم الذنب المترتب على إتيان العرافين و #المنجمين، أو تصديقهم فيما يقولون، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما”، وقال عليه الصلاة والسلام: “من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد”.

بداية يجب أن نتفق على أن كل ذلك عارٍ عن الصحة، ولا يمت للحقيقة بصلة، حتى وإن حدث ما توقعه أحدهم عن حدوث أمر أو وفاة شخص؛ فما هو إلا محض الصدفة فقط، ولم يكن ذلك الدجال على علم بذلك، بل هي مجرد تخمينات فقط، تعتمد أحياناً على رأي الخبراء في ذلك المجال.

وبعد أن منّ الله علينا بالعلم والمعرفة في مجالات الذكاء العاطفي وطرق التفكير ومخططات المخ؛ أصبح بإمكاننا الآن تصور تلك الألية التي يتبعها العرافين في توقع الأحداث، وانكشفت قدرتهم الكاذبة على معرفة ما سيحصل للمنطقة حولنا من زلازل وحروب وأحداث كبيرة.

يمتلك كل انسان قدرة وطريقة خاصة في التفكير، يركز خلالها على مجموعة من الأمور ويهمل أخرى، فالنساء عادةً تميل إلى التفكير العاطفي والتسامح والمشاعر، وبالتالي يمكن القول بأنهم يفكرون بالجانب الأيمن من المخ، أما الرجال؛ فهم عادة يفكرون في الجانب الأيسر من المخ، ويركزون على الحقائق والأرقام، ولا يعيرون المشاعر والأحاسيس الكثير من الاهتمام.

ومن خلال عدة أسئلة يطرحها عليك العرّاف، يتمكن من رسم خارطة لطريقة تفكيرك، وكذلك للطرف الآخر من العلاقة، وإذا كانت تلك الخرائط متباينة ومتباعدة؛ يحكم على العلاقة بالفشل ويتوقع لها ذلك، أما إن كانت تلك الخرائط متقاربة ومتطابقة؛ يتوقع لتلك العلاقة النجاح والدوام.

وهو ما تراه عبر شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي من تصريحات وتوقعات لتوافق البرج الفلاني مع البرج الفلاني، وفشل العلاقة بين البرج الفلاني والبرج الفلاني، والتوفيق الذي سيحصل لبرج كذا خلال العام، والفشل الذي سيلحق ببرج كذا. ولو نظرت إلى التوقعات المزعومة لجميع الأبراج؛ لوجدت أنها تنطبق عليك، فهي كلمات عامة تنطبق على غالبية الناس، ويسير خلفها من لا يملك الايمان بالله عز وجل او حتى قوة في الشخصية، أو يعاني من ضعف ثقته في نفسه أو في شريكه في الحياة.

أما بالنسبة للتوقعات على مستوى الدول والعالم؛ فهي عادة ما تكون نتيجة قراءة سياسية متعمقة في الأوضاع الراهنة، ويلجأ العراف إلى الخبراء في مجال السياسة للتعرف إلى خارطة العلاقات السياسية بين الدول، أو إلى خبراء في مجال الصحة لمعرفة الشخصيات التي من الممكن أن تموت خلال العام المقبل، وكذلك إلى الخرائط الزلزالية والبركانية للمنطقة للتعرف عليها عن كثب، وتوقع الاحداث المستقبلية.

سنرى ونسمع توقعات العرافين عن انتهاء الحرب في غزة، والحديث عن انتصار المقاومة وتحقيق أرباح سياسية على أرض الواقع، وهو أمر مفروغ منه، ومتابع اعتيادي للأحداث يتوقع أن يحدث ذلك، وليس بحاجة إلى متخصص في مجال الفلك والنجوم لمعرفة ذلك.

لقد وصل الأمر في بعض الأحيان إلى اللجوء إلى الحيوانات لمعرفة مستقبل الأشخاص، وتوقعات الأحداث، وقراءة الطالع، وهو غاية الانحطاط في مستوى التفكير، واحتقار للعقل البشري، وغياب تام للأيمان بالله عز وجل، خالق الكون والخلق، ومدبر الأمر من قبل ومن بعد، ولا راد لحكمه، ولا يعلم الغيب إلا هو.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى