حل اشكالية تناقض معنى كلمة قروء الواردة في القران الكريم
تعتبر كلمة قروء ومفردها (قُرْء)من الكلمات التي لها معنيان متضادان في اللغة. وترتب على ذلك اختلاف الفقهاء في حكم تعلق بهذه الكلمة. فقد اختلف الفقهاء في معنى القرء هل هو الحيض ام الطهر من الحيض. فمنهم من اعتبر القرء الطهر كالشافعي ومالك وفي رواية عن احمد ومنهم من اعتبره الحيض كأبي حنيفة وفي رواية اخرى عن احمد. وترتب على ذلك اختلاف مدة العدة.
وانا لست هنا بصدد البحث الفقهي بل بصدد البحث اللغوي في سبب احتمال المعنيين في هذه الكلمة . وكما فسرت تناقض معنى الفعل ( عزر) كما شرحته في منشور سابق، وتناقض معنى كلمة (وراء) كما شرحته في منشور اخر ، ساحاول شرح سبب وجود معنيين متناقضين لكلمة( قرء )التي تجمع على (قروء) التي وردت في القران الكريم بقوله تعالى:
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}
والحقيقة ان هذه الكلمة تحتاج الى امعان نظر وانفتاح فكري. والمبدأ الذي استعمله في حل مثل هذه الاشكالات هو مبدأ معتبر قرره عدد من فقهاء العربية الاقدمين والمحدثين، وان كانت الاشارة اليه عند الاقدمين اقل وضوحاً. وهذا المبدأ هو ان الافعال الثلاثية في العربية اصلها ثنائية واضيف لها حرف ثالث او دمجت فعلين ببعضهما فنتج فعل ثالث جمع بين المعنيين او ابقى عليهما. ومن اراد الاستزادة فدونه كتاب الخصائص لابني جني وابحاث الدكتور عبدالله العلايلي اللبناني والاب لنستانس الكرملي والاب مرمرجي الدومينيكي وكذلك جورجي زيدان .
وعودة على موضوع الكلمة قرء أقول. ان هذه الكلمة نتجت عن جمع فعلين متضادين احدهما يحمل معنى انعدام الحيض واستقرار الرحم والاخر يحمل معنى هيجان الرحم وقذفه ما بداخله.
الاول هو الفعل (قر) ومنه القرار والاستقرار وأنظر الى قوله تعالى ( ونقر في الارحام ما نشاء الى أجل مسمى) ٥ الحج. وهذا حال الرحم قبل الحيض او الولادة. اما الفعل الثاني فهو الفعل قاء ومعناه اخرج ما في جوفه بسبب عارض مرضي او نحوه. والقيء معروف. ولا يشترط في معنى القيء ان يكون من الفم. فقد قالوا ( قاءت الطعنة الدم اي اخرجته وقاءت الارض الكمأة اي اظهرتها.
وعند دمج الفعل (قر) بالفعل( قاء)تنتج لدينا الكلمة (قرء) بمعنييها المتناقضين.
هذا اجتهادي في هذه الكلمة الغريبة كما كان في كلمتين قبلها. ولا أعلم احداً قال بمثل هذا. وانا هنا لا أقوله تفاخراً بل تحقيق حق. ومن لديه ما ينقضه فليأت به على أعين الناس لعلهم يشهدون .
نسأل الله السداد في القول والعمل..
