حزمة رابعة أقل من التوقعات

حزمة رابعة أقل من التوقعات
أحمد عوض

مع التسليم بأهمية الإجراءات الحكومية كافة الهادفة الى تحسين جودة الرعاية الصحية والنظام التعليمي والنقل العام، إلا أن الحزمة الرابعة التي أطلقتها الحكومة الأسبوع الماضي كانت أقل من التوقعات.
هي أقل من المتوقع، لأننا كمواطنين كنا نتوقع سماع تصورات جديدة وغير تقليدية تتعلق بتجاوز متلازمة الإنفاق الكبير المخصص في الموازنات العامة للدولة على التعليم والصحة، والمستوى المتواضع من الرعاية الصحية والتعليم من حيث الشمول والجودة، وهذه المتلازمة أعلنتها بعض المؤسسات الدولية قبل أكثر من عامين، وأكدتها الحكومة في حزمتها الرابعة.
المتتبع لوسائل الإعلام المختلفة، بما فيها وسائل الإعلام الاجتماعي، لاحظ أن إعلان الحكومة عن نيتها بناء المزيد من المدارس والمستشفيات وتوسيع منظومة التأمين الصحي واستكمال مشروع “باص التردد السريع” لم يثر اهتمام غالبية المواطنين، كما حدث مع الحزم التي سبقتها، وتم التعامل معها باعتبارها إجراءات حكومية عادية.
لا بل هي إجراءات عادية جدا، والعديد من الحكومات السابقة أعلنت خططا شبيهة بها في فترات ماضية، وليست بحاجة الى احتفاليات لإطلاقها، وكان يمكن تأجيل الاحتفاء بها الى حين أن يلمس غالبية المواطنين تحسين منظومة الرعاية الصحية كميا ونوعيا، وعندما تتحسن مخرجات النظام التعليمي بشكل ملموس، وتصبح مشكلات منظومة النقل العام خلفنا.
في ظل استمرار حالة التباطؤ الاقتصادي واستمرار تأثيراتها السلبية الواسعة على مختلف القطاعات الاقتصادية والعاملين فيها، كان متوقعا أن تشمل الحزم التي أعلنتها الحكومة، إجراءات نوعية مختلفة، مثل إصلاح النظام الضريبي بحيث نزيل مختلف التشوهات التي تعتريها -وإن بالتدريج- لنخفف الضغوط على القطاعات الاقتصادية شبه المخنوقة من ارتفاع الضرائب غير المباشرة، ونضخ بعض الأكسجين في الأسواق، لتحريك عجلة الاقتصاد للأمام.
لا نذيع سرا عندما نقول إن الواقع الاقتصادي الذي نعيشه صعب جدا، الجميع يعلن ذلك بمن فيهم الحكومة، وانعكاسات ذلك على حياة الغالبية الكبيرة من المواطنين كبيرة، والتوقعات الحكومية والمؤسسات المالية الدولية لا تتحدث عن انفراج ملموس في معدلات النمو الاقتصادي الحقيقية بما يولد فرص عمل أكثر من الأعوام الماضية؛ حيث تشير التوقعات الى معدلات نمو تقارب 2.2 بالمائة خلال العام 2020.
هذه التوقعات تعني المزيد من ارتفاعات معدلات البطالة، والرقم الذي أعلنه مدير دائرة الإحصاءات العامة قبل أيام في اجتماع مع لجنة العمل النيابية أن الاقتصاد الوطني أنتج خلال العام 2018 ما يقارب 38 ألف فرصة عمل فقط يثير الذعر؛ إذ سجل تراجعا عن 54 ألف فرصة عمل في العام 2017.
لا خيارات أمام الحكومة سوى تخفيض الضريبة العامة على المبيعات -وهذا ما كان يتوقعه العديد من المراقبين- ويدرك الجميع أن في ذلك مغامرة يمكن أن تؤدي الى تخفيض الإيرادات الضريبية المتوقعة، ولكن لا خيار أمامنا لدفع عجلة الاقتصاد للأمام سواء تعزيز الطلب المحلي الكلي؛ حيث ستكون انعكاساته إيجابية على مختلف القطاعات الاقتصادية وعلى المستويات المعيشية لغالبية المواطنين، وتحافظ على المستوى المتوقع من الإيرادات الضريبية.
ندرك أيضا أن هكذا خطوة قد لا تعجب خبراء صندوق النقد الدولي، الذي يقوم خبراؤه مع الفريق الاقتصادي الرسمي الأردني بتطوير برنامج اقتصادي جديد للأردن، يتوقع أن يطلق خلال الأشهر القليلة المقبلة، ولكن استمرار الأزمة الاقتصادية وتعميقها يمكن أن يؤديا الى حدوث أزمات الاجتماعية خطيرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى