حديث الأشجار

حديث الأشجار
يوسف غيشان

كتبت بداية مقالا حول خبر عن سيدة تصنع الصابون من حليب أنثى الحمار، لكني شطبته لخوفي من أن لا أنجح في إيصال فكرتي ويعتقد القارئ بأنني أسخر من الموضوع، في الواقع انا لا اسخر من ذلك اطلاقا بل أحيي تلك المبتكرة، لكن سمعة الساخر السيئة تسبقه إضافة إلى أنه لا يستطيع أن يغير جلده.
حاولت الكتابة عن موضوع ضبط حالات عديدة لتسجيل متوفين في سجل الناخبين، فلم أتذكر سوى قصة الختيار الذي جاء يوم الانتخابات يبحث عن زوجته في أحد مراكز التصويت، فقال له أحدهم –وكان يعرفه-بأن زوجته قد توفيت منذ طويل. فقال له الختيار:
– بعرف يا ولدي لكنها كل أربع سنين بتيجي وبتصوّت وبترجع قبل ما أشوفها.
لم أستطع اكمال أي فكرة مما سبق، ومن أجل ذلك “لهمدت على السريع ” مقالا جديدا في الوقت اليومي المتعارف عليه لتوصيل المقال الى الصحيفة.
حدثنا مؤنس الرزاز عن أبيه عن جده نوح عن آدم، أنه قال:
– يوم كانت الأشجار تحكي يا ولدي، اجتمعا الغابة حول راس فأس معدني، وهي مرعوبة تخشى أن تنهض الفأس وتشرع فيها تقطيعاً وبطشاً.
شجرة بلوط عتيقة وحكيمة قالت للأشجار بهدوء:
– لا تخفن يا صديقاتي فإذا لم تُدخِل إحدى الشجيرات رأسها في هذه الفأس فلن تستطيع تقطيع أية شجرة، إنها بدون يد خشبية من أشجارنا لا تملك القدرة على إيذائنا.
استراحت الغابة واطمأنت، فقد كان بين الأشجار في ذلك الحين مودة ومحبة وإخلاص.
ثم يتنهد مؤنس قائلاً:
وهكذا أنهى والدي القصة بتنهيدة طويلة وهو يقول:
– انظر يا ولدي ها هي أشجار عروبتنا تتسابق على الدخول في ثقب رأس الفأس الأمريكي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى