ارسطو و الدماغ

ارسطو و الدماغ
د.محمد شواقفة

لا يمكن ان اتخيل نفسي معارضا او لا سمح الله معترضا على فيلسوف العصور و الازمان في وصفه لوظيفة الدماغ …. و لكنني كنت اخفي معارضتي له لاسباب عديدة لا استطيع فعلا تفنيدها … فهذا ارسطو !!!!
فهو كان محتارا بوظيفة الدماغ …. و لكنه أصر على ان وظيفته الاساسية كانت لتبريد الدم ….نعم …هذه كانت نظريته و التي لا يزال البعض يؤمن بها او لربما يرفضها على استحياء …و لكن المثير للجدل انه لم يدحض هذه الفكرة أحد و لم يتم استبدالها …. و الاغرب ان هناك من اعاد لفكرته الحياة من جديد …. فقد ثبت انه لا بد ان يكون ذلك فيه من الصحة و الصواب و لو نزرا يسيرا …. فالافكار التي تتمخض عن بعض المفكرين او المنظرين او ما شابه تكون فعلا باردة ….. و فعلا قد تكون ابرد من ان يستطيع الدماغ وحده قادر على تبريدها فتخرج كأنها غاز زائد او فقاعات لا توشك تخرج للعلن حتى تنفجر دون ان تترك اي اثر …..
و فعلا لم يتوصل العلم لما يدحض هذه الحقيقة التي نفثها ارسطو عبر هرطقاته يوما ما في غابر التاريخ و الزمان …. و بدأت أعيد النظر في معارضتي لهذا الفيلسوف الفذ الذي ربما استقرأ ما قد تنتجه بعض الرؤوس الكبيرة حجما من افكار لم يجد لها وصفا اكثر من بارده …. و هذا فعلا يجعلني ابحث من جديد بنظرية كنت اظنها مستحيله …. و بحكم تخصصي في زراعة الاعضاء …لم اسمع يوما احدا يقترب من مفهوم زراعة الدماغ …ربما ظنا منا جميعا صعوبة الموضوع او خطورته او لربما استحالته ….رغم انني بدأت افكر بضرورته هذه الايام ….
الدماغ تقريبا يستهلك خمس كمية الدم التي تدور في الجسم لتغذية بقية الاعضاء ….. فاذا صدق ارسطو و كان الدماغ فقط عبارة عن محطة تبريد فلا بد ان يكون تبديله ممكنا و خصوصا لكثير من الحالات التي نراها ليل نهار تعتلي المنابر و تصدح في الاعلام بترهات و اكاذيب لا يمكن ان يكون ذو لب او دماغ مكتمل يقولها او يتبناها او يدافع عنها …. فعلا بدأت اقتنع ان تلك الرؤوس هي من تحدث عنها ارسطو …. فهي تحمل في جوفها ادمغة تختلف عن كل الناس و ما هي الا مكيفات وظيفتها فقط تبريد الدم …فلا يخرج منها افكارا و لا تعدو كونها ضجيجا لمحركات ذلك العضو الضخم الذي اقتصر دوره على التبريد …..
ان الحفاظ على الاعضاء لحين نقلها لجسد مريض محتاج ليست بالمهمة السهلة و لكنني فعلا بدأت بالتفكير بان زراعة الدماغ لمثل هؤلاء لن تحتاج لمثل هذه الترتيبات المعقدة …. فلا داع فعلا للزراعة …. قد نزرع وحدة تكييف مكان تلك الادمغة المعطوبة فتحافظ على الدم بدرجة الحرارة المطلوبة …و لا داع لتعقيدات العملية من تخدير و نقل دم و مضادات اكتئاب ….
فمثل هؤلاء فعلا يبدو انهم لا يستخدمون دماغهم لغير تلك المهمة …..
اذا كنت لا تستخدم دماغك الا للتبريد …. انصحك بالتخلص منه و توفير خمس كمية الدم التي ترويه …و استبدله بوحدة تكييف لن تحتاج لا لدم و لا لاكسجين و قد يكون سهلا صيانتها و تبديلها كلما دعت الحاجة او الضرورة لذلك ….

” دبوس على التفكير ”