حكايتان / منصور ضيف الله

حكايتان
معلم …. يشد رحاله لتجديد التأمين الصحي ، كل ما يملكه اثنا عشر دينارا وعشرون قرشا ، تنهي الموظفة المعاملة بسرعة ، و تطالبه بدفع الرسوم : اثني عشر دينارا وخمسة وسبعون قرشا ، يحتار المسكين ويبتلع ريقه ، بغريزة الانثى تلحظ الارباك ، وتتدارك الموقف : كم تملك؟ اثنا عشر دينارا . هاتها . تدفع من جيبها الفرق ، ثمة ابتسامة حزينة تغزو وجهها ، وأسئلة حيرى تتقافز في عينيها .

في الخارج هواء مشبع بشمس شباط ! حرية تبحث عن عشاق ، مساحات تحن إلى خبطات أقدامهم ، ومدرسة أبو علندا الثانوية بعيدة ، وطلاب الأول ثانوي في انتظار حصتين ، والعشرون قرشا ، اللعنة عليها ، هي كل غنيمة الدنيا .

تقطعه المسافات ، وتشويه الأفكار ، التأمين ، موعد الغد لدى الأخصائي في مشفى الجامعة ، هرير المدير عن كل تأخير ، العقوبة المضاعفة التي منحها أياه مدير التربية ، فقط لأنه نطق بالحق يوم صمت الاخرون !

على قارعة الطريق يفترش الأرض ، دوار خفيف ، بقايا صور ، منيف عبد الرحمن ، حنا مينا ، وليم هلسة ، غسان كنفاني ، تلتف كفان مرتعشتان على الوجه ، تغيب الدنيا ، وينخرط في بكاء مكتوم !!!

مقالات ذات صلة

مجرد رقم وطني …. يحمل على كتفه الأيسر شوال بلاستيك ، وفي الأخرى علبة فيفا فارغة ! يغذ الخطى بحثا عن بقايا مهملات أهل النعمة ، يأخذه الإعياء ، ويضنيه الضياع ، استوقفته ، الأخ أردني ؟ نعم . هل تملك رقما وطنيا ؟ بالتأكيد . اسمك ؟ محمد من منطقة القويسمة . لو سمحت كم يدر عليك عملك ؟ خمسة دنانير ربما ستة ، وفي الحد الأعلى سبعة .

محمد يبلغ الثالثة والثلاثين ، منذ الصباح يخرج مع شواله ، يذرع حواري عمان ، ويمسح قصورها ! يبحث عن رغيف خبزه بين القمامة . لم يتزوج ، وعلى الأرجح سيظل عازبا ، يحلم ببيت ، بانثى ، بلحظة استقرار . ترى ، لو نطق محمد ، هل تكفيه صفحات الدنيا ؟ ولغات الأرض ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى