جَمَلُ المَحَامِل / عارف عواد الهلال

جَمَلُ المَحَامِل

إنْ يَسألُوا عَنكَ غِبَّ الماءِ والحَطَبِ
…………………………. لَمْ يسألوا عنكَ مَسَّ الجَهدِ والسَّغَبِ
للهِ دَرُّكَ بَينَ النُّوقِ مِنْ جَمَلٍ
………………………….تَجثُو إلى قِرَبٍ خَوفَاً مِنَ العَتَبِ( )
فَابرُكْ لِحِمْلٍ عَلَى هَوْنٍ تَنُوضُ بِهِ
………………………….تَعْيَا خُطَاكَ وَلَا تَعْيَا مِنَ الدَّأبِ
تَنصَاعُ طَوْعَاً بِلا ذُلٍّ وَقَدْ جَهِلُوا
………………………….أنَّ الحَيَاءَ خَدِينُ البَأسِ وَاللَغَبِ
لَولا الحَياءُ لَكانَ النَّاسُ فِي شَرَكٍ
………………………….لا يُفنَدُ الفَرقُ بَينَ الرَّأسِ والذَّنبِ
فَالرُّمْكُ خَوَّارَةٌ إنْ مَسَّهَا فَرَقٌ
………………………….والإبْلُ مَعْدُودَةٌ وَالخَيلُ بِالنَّسَبِ( )
وَالأصلُ كَالقَيدِ لِلأحلامِ إنْ جَنَحَتْ
………………………….كَظَّتْ بِغَيظٍ وَلَمْ تَجنَحْ عَنِ الحَسَبِ
ظَلَّتْ تُكَابِدُ مُرَّ الصَّبرِ تَجرَعُهُ
………………………….حِينَاً لِرَأبٍ وَأحيَانَاً بِلا أرَبِ
حَتَّى استَمَرَّتْ حِبَالُ الضَّيمِ يُحكِمُهَا
………………………….خِمْعُ الرِّجالِ فَبَانَتْ سَوءَةُ الأدَبِ( )
فاستَعرَبَ القَومُ لا أمٌّ ولاتَ أبٌ
………………………….والشِّعْرُ شِعْرِي فَمَا الأعرَابُ كَالعَرَبِ
يَا نَخْوَةَ النَّفسِ هَلْ فِي العُمْرِ مُتَّسَعٌ
………………………….كَي يَهنَأَ العَيشُ بَعدَ الغُبْنِ والغَلَبِ
كَمْ قَدْ فَقَدْنَا مِنَ الأيَّامِ مَا احتُسِبَتْ
………………………….فِي العُمْرِ إلَّا عِدَادَاً غَيرَ مُحْتَسَبِ
أمْ أنَّ عُمْرَاً عَجُولاً مَرَّ مُزْدَلِفَاً
………………………….كَيْ لا يُضامَ عَزِيزُ النَّفْسِ بِالسَّلَبِ
حَظُّ الكَرَامَةِ أنْ تَنْدَى مَعَارِقُهَا
………………………….لا أنْ تَجِفَّ عُرُوقُ الحُرِّ وا عَجَبِي
مِنْ بَعدِ كُنَّا كَنَارِ الرَّمْثِ جَذْوَتُهَا
………………………….صِرْنَا ضِرَامَاً غَشَتْهَا فَجَّةُ اللَهَبِ( )
يُورِي سَنَاهَا حَكِيمُ الرَّأيِّ مَا اضْطَرَمَتْ
………………………….لَولَا تَلاشَتْ تَلاشِيْ سَوْرَةِ الغَضَبِ
تِلكَ الدَّوَاهِيْ سَرَتْ مِنْ غَيرِ أسرِجَةٍ
………………………….إرْجَافُ قَومٍ عَلَى خَيلٍ مِنَ القَصَبِ( )
فَالخَيلُ تَكبُو إذا فُرسَانُهَا ارتَعَدَتْ
………………………….يَومَ التَّلاقِي وَجَدَّ الجِدُّ بِالطَّلَبِ
وَلَّوا فِرَارَاً كَثُعْلٍ رَاعَهُ فَزَعُ
………………………….فَازَ الهَوَانُ بِهِ إنْ فَازَ بِالهَرَبِ
تَبقَى الحَرَائرُ لا حُرٌّ يُؤانِسُهَا
………………………….إلا سُرَاكَ بِلَيلِ السُّهْدِ وَالصَّخَبِ
أنتَ الذَّلُولُ إذا ذَلَّتْ مَنَاخِرُهُمْ
………………………….فِيكَ الجِرَاحُ وَلا تَشكُو مِنَ الوَصَبِ( )
تَحمِي الذِّمَارَ إذا ثَارَتْ ذَواعِرُهَا
………………………….تِلكَ الأوابِدُ مَا دَامَتْ بِلا سَبَبِ
هَذِي بِلادٌ بِسَطْرِ الدَّهرِ رَونَقُهَا
………………………….فِي رَونَقِ السَّيفِ لا فِي رَونَقِ الذَّهَبِ
مَنْ قَالَ أنَّ سِنِينَ الجَدْبِ مُوغِلَةٌ
………………………….فِي قَولِهِ الزُّورَ مَا يَلتَاثُ بِالجَدَبِ
تِلكَ الرَّوابِي وَتِيكَ البِيدُ ذَاتُ هَوَىً
………………………….مَا ضَرَّهُ اليَومَ رَجْعُ الصَّوتِ بِالنَّعَبِ
فِيهَا رِضَى النَّفسِ مِنْ حَيفٍ يُغَالِبُهَا
………………………….تَشفَى بِهَا الرُّوحُ تَشكُو مَسَّةَ العَطَبِ
تَبقَى الرَّؤومُ وَإنْ أخفَتْ صَبَابَتَهَا
………………………….فِي الجِدِّ لا الهَزلِ تَبدُو لَهفَةُ الحَدَبِ
سَودَاءُ مَا جَزِعَتْ بَيضَاءُ مَا بَطِرَتْ
………………………….خَضرَاءُ حَمرَاءُ خَالَتْ خِيلَةَ العَجَبِ
فَوقَ السَّوَارِيْ مَا كَلَّتْ خَوافِقُهَا
………………………….تُومِي بِهَا الرِّيحُ بَينَ الرَّقْلِ وَالخَبَبِ( )
أردُنُّ يَبقَى زُهَاءَ الغَيمِ بَيرَقُهُ
………………………….رُغمَ العَوَادِي وَرُغمَ الكَيدِ والجَلَبِ
أردُنُّ قَولانِ قَولٌ قَالَ نَحنُ لَهُ
………………………….وَالضِّدُّ مَا بَينَ مَذمُومٍ وَمُنتَهَبِ

(1 ) القرب: مفردها قربة، وهي أوعية تتخذ من جلود الماشية لجلب الماء وحفظه.
(2 ) الرمك من الدواب: غير الأصيلة، ومنها البراذن، والخوارة: الضعيفة. والإبل والخيل تتخذ بالأنساب لأصالتها. والفرق: الفزع من الخوف.
( 3) الخمع من الرجال: اللص.

( 4) ضرام: جمع ضرامة، وهي أعواد الحطب الدقيقة التي تسرع النار فيها فلا تكون جمرا، توضع تحت جزل الحطب لإيقاده لتنشأ جذوة الجمر التي تدوم متوهجة، والرمث: شبيه الغضى حطبا. وفجة اللهب: التي سريعا ما تشتعل وسريعا ما تنطفئ.
(5 ) اعتاد الصبية الصغار على ركوب العصي والركض بها وهي بين سيقانهم، وغالبا ما كانوا يستخدمون أعواد (القصب) لإثارة الغبار من خلفهم تشبيها بطراد الخيل.
(6 ) الذَّلول: اسم يعني اللين، ويطلق على نجائب الإبل، مثلما يوصف به الإنسان والخيل، ويتساوى بالاسم المذكر والمؤنث، ومثناه (ذلولان)، والجمع (ذُلُل) و(أذِّلة)، وللتفريق في المعنى ما بين (أذلة) المأخوذ من (اللين) و(أذلة) المأخوذ من (الذل) ويجمع على (أذلاء) أيضا، يعاد باللفظ إلى المفرد أو المثنى، فما مفرده (ذليل) ومثناه (ذليلان) غيره في المعنى عما مفرده (ذلول) ومثناه (ذلولان). وقد يقصد بلفظ (أذلة) الهوان إذا وصف به الإنسان، ويستدل على ذلك من السياق. والوصب: ديمومة الألم.

( 7) الرقل، والخبب: ضربان من سير الإبل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى