جرس العدالة !

” جرس العدالة ! ”
د. محمد شواقفة

لا بد أن بعضكم يعرف القصة القصيرة عن مدينة العدل الخيالية و جرسها الذي كان يقرعه كل مظلوم …
بلدنا في ظل جائحة الكورونا ….يطل علينا مسؤوليها كل يوم تارة يبشرون و تارة ينذرون … و قد إقتنعنا كلنا أننا نعيش في عصرنا الذهبي كشعب مدلل … ليس عليك الا ان تطلب فتجاب …. و انا شخصيا آمنت أننا أغلى ما يملكه الوطن … تم جلب الطلبة في بداية الازمة من الصين و بعدها تم استقبال الالاف من الاردنيين من مختلف دول العالم و استقبالهم في فنادق البحر الميت و عمان و العقبة و بدون ان يتحملوا أي تكلفة …. و شاهدنا بأم أعيننا كيف كان يتم توديعهم بالورود و ايصالهم لبيوتهم بسيارات حديثة و ما رافق ذلك من هالة اعلامية … و قد صدقت و مثلي الكثيرون أن الاردن فعلا يهتم لشأن ابنائه و سيبذل الغالي و النفيس لحمايتهم و تذليل الصعاب التي قد تواجههم.
و في غمرة الحماسة و الوجه الكريم للحكومة تنادت الجموع من قطاع خاص و شركات و بنوك و مواطنين للتبرع لحسابات مختلفة تحت اشراف لجنة شبه حكومية … و بالفعل انهالت التبرعات من كل حدب و صوب في صورة حاولت الحكومة ان تزرعها في اذهاننا بانها تكافل و تراحم … و قد اقتنعنا لوهلة ان ذلك قد يكون ممكنا ..
و لكن يبدو ان السكرة قد انتهت و جاءت الصحوة … فلم يشعر الجميع في القطاع الحكومي و بعض مؤسسات القطاع الخاص الا و يد الخصم تمتد لرواتبهم تخصم رغما عنهم نسبة زادت او قلت دون مبرر او تفسير … و تستخدم مدخراتهم في الضمان الاجتماعي لتمول نفقاتها او لتغطي عجزها في مخالفة صريحة لمبادئ العدالة المزعومة…
تبخرت زيادة المعلمين و كأنها حلم يقظة و تلاشت زيادات المتقاعدين و لحقها ما لحقها من تعدي غير قانوني…
يتحلق الجميع حول التلفاز بانتظار تصريحات الحكومة التي باتت أشبه بسحب اليانصيب …أي مهنة ستفتح اليوم واي يوم و يبدو ان هناك من يستمتع باللعبه و أصبحت تروق له كثيرا… افتح كذا و اغلق كذا …يوم حظر و يوم حجر … يوم ماشي و يوم بسيارة … و يوم فردي و يوم زوجي … يوم حظر جزئي و يوم حظر كلي … و تحملنا ذلك و بكل رضا او مكرهين فلا فرق ….
الاردنيون في الاغتراب عالقين او مقيمين لا بواكي لهم و يبدو ان حلول الحكومة العجيبة لا تزال تخترع لهم قصة مسلية … نعرف ان هناك ترتيبات للطلاب و بالالاف و على حسابهم و مع اقامة اجبارية في فنادق الورود ذاتها … و ذلك يبدو مستهجنا للطلبة و لاهاليهم الذين يشعرون بالغبن و عدم المساواة … و كثيرا منهم بالكاد يستطيع دفع تكلفة السفر بدون اي اضافات … و لا نعلم ابدا كمية المتعة التي يعيشها المسؤول ذاته و هو يقرر من سيعود اولا و من اي وجهه… و لكننا نعلم كمية الألم و العذاب و الترقب لدى الطلبة و اهاليهم حد سواء …
و بعيدا في ذلك الركن المظلم البارد … يقبع بقية المغتربين لا يملكون اي خيار او بدون اي تصور لما تخفيه لهم الحكومة من مفاجئات … بأي حق يوصد باب الوطن بوجه أبنائه …؟! الوطن الذي فتح حدوده في أحلك الظروف لاشقائنا اللاجئين… يصدنا بعيدا و يرفضنا و كثير منا عودته اجبارية و نهائية … هذه ليست سياحة و لا بد للحكومة ان تجد حلا بعيدا عن الاستعراض و الحلول العبثية و الاعتباطية
نعلم يقينا أن جرس العدالة في هذه المدينة لا يزال معلقا و لكن يبدو أن لا سبيل لقرعه …

” دبوس على الاغتراب”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى