يوليوس قيصر ..دروس مستفادة / عبد الفتاح طوقان

يوليوس قيصر ..دروس مستفادة

القادة دائما يحاولون الحصول على أفضل رؤساء حكومات يخدمون الشعب والوطن، وهذا هو السبب في وجود مجموعة هائلة ومتنامية من الأدب السياسي تقدم أحدث نماذج القيادة العملية في حسن الاختيار.

ولكن في بعض الأحيان أفضل طريقة للمضي قدما هو أن ننظر إلى الوراء. يوليوس قيصر هو واحد من القادة الأكثر إلحاحا من الماضي لدراسة – رجلا كان ذو نهجا فاعلا للغاية ومن المستغرب انه أكثر حداثة ورحمه وديمقراطية من الوضع الحديث.

كان يوليوس قيصر في تواصل مع الشعب، رغم وجود نواب له ووزراء ومجالس مختلفة، يستمع الي ما يريده الشعب ويعرف ماذا يفعل، كيف يخاطبهم ويستقبل طلباتهم. *

مقالات ذات صلة

(عبقرية القيادة عند يوليوس قيصر: للكاتب فيليب بارليج ، طبعة أكتوبر ٢٠١٦ ، الصفحة رقم ١٠١)

واقصد تحديدا الأردن، حسب المقالات وأحاديث الشارع واعتراضات بعض من أعضاء مجلس النواب و الاعيان، و النقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني و متقاعدين عسكريين، والفيديوهات الشخصية المسجلة والاعتراضات الشعبية التي ترسل يوميا علي الواتس اب و انستجرام و التوتير ، و حالة الغليان الشعبي، فآن الحكومة الحالية بتشكيلتها و مواقفها و ضعفها، قدمت صورة موثقة عن أسواء خيارات في تاريخ اختيار الحكومات من حيث تعثر القرارات وعدم كفائه الوزراء أو اهتمامهم بالشعب و مصيره، بل استهتارهم بكرامة الشعب و متطلباته و حقوقه. حكومة وضعت حائطا مصطنعا بين الملك والشعب.، ترسل صواريخها من خلفه.

يتعرض التاريخ لشعوب زهقت وقرفت من التواصل مع حكامها اللذين انقطعوا عنهم وسعوا من خلال حكومات لا تحمل الرحمة الي تحقيق طموحاتهم وأهوائهم بالبقاء مهما بلغت التضحيات. وهنا انقل:” لكن قيصر، الذي ارتفع من البدايات الفقيرة، أثبت من خلال أقواله وأفعاله أنه لم ير نفسه على أنه فوق المواطن الروماني العادي، وكان لديه قدرة مذهلة على توليد الولاء، لتحويل الأعداء إلى حلفاء وحلفاء إلى أتباع المخلصين”. *

(*عبقرية القيادة عند يوليوس قيصر: للكاتب فيليب بارليج ، طبعة أكتوبر ٢٠١٦ ، الصفحة رقم ٨٠)

الوضع مختلف في الأردن، الكل حكومة ومسؤولين فوق المواطن الأردني، لا يهمهم الولاء او ان يتحول المواطن الي عدو، بل على العكس تماما هناك امعان في تحويل المخلصين الي معارضين وتهميشهم واقصائهم ومحاربتهم ان لزم الامر وتشويه صورتهم.

حكومات بعض منها ساقطة يتم التوصية باختيارها ببراعة لرسم دروس “القيادة السيئة ” من التاريخ، وهذا هو واحد من أسوء أنواع التعامل مع الشعب.

عند انعدام الأمن الاقتصادي والاجتماعي وزرع الخوف في قلب المواطن وعدم الثقة بالحكومات نتيجة افعالها تمحي العاطفة نحو الوطن من القلب، وبالتالي يولد سلوك المطالبة بالتغيير الكامل.

التواصل الواضح والمتسق بين الشعب والحاكم هو المفتاح لنجاح الوطن. وأود أن أضيف أن الاتصالات العاطفية أمر بالغ الأهمية، لذلك ينتظر الشعب من الملك عبد الله الثاني ان يخاطبهم عبر التلفاز ويتحدث إليهم من قلبه وعواطفه، “من دون أوراق معدة سلفا من مصنع الحكومة ومصارفها “، وان يتم ذلك في أقرب فرصة، عوضا عن لقاءات صحفية مملة رتيبة الأسئلة والإجابة مكتوبه و معده سلفا.

عندما تريد الحكومة أن ينجز الناس شيئا ما ويتفقون معها في القرارات، عليها أن تعطي لهم الأدوات والموارد التي يحتاجونها، لا ان تحرمهم من حق الحياة وتحاربهم في رزقهم وتقصيهم وتهددهم بعصا الامن والمعتقلات.

والأكثر سؤا هو الادعاء الحكومي الكاذب ان القرارات آمنة أو غير مخيفة، بينما الحقيقة عكس ذلك وهي أساسا للحفاظ على مركز في الدوار الرابع، والحفاظ على مناصب ومقاعد الوزراء أنفسهم.

انها ليست مشكلة شعب من المدنيين فقط، انها مشكلة وطن بأكمله من عسكرين ومدنيين، ومحاولة الفتوي بقصرها على فئات من الشعب دون غيرها وطبقات بعينها تجعل الأمور أسوأ.

قرارات الحكومة الاردنية الأخيرة وضرائبها المتكررة، وأخيرا ليس اخرا قانون الضريبة المقترح، يعرض الأردن بمجملة للفشل. والحكومة بذلك تدير الخطر الحقيقي لإشعال الشارع، وهي تعلم تماما أن المواطنين ممن كانت تعتقد انهم في صف الاردن سيغادرون تلك المواقع.

كما وأن الحكومة تعرف وتعي تماما وتتجاهل في نفس واحد أن الشعب لا يجب أن يعامل بهذه الطريقة ذات استراتيجية التعالي والفشل المتكرر، أليس كذلك؟

الشعب الأردني و عبر ممارسته اليومية ، لا يثق بقرار اختيار الوزراء بهذا الأسلوب، ولا يثق أن الحكومة قادرة للقيام بوظائفها، فلماذا تم توظيفهم وزراء؟ أعني ذلك!

حق حسن اختيار رئيس الوزراء ومن ثم الوزراء هو الخطوة الأولى للنجاح.

عندما يتم العثور على شرفاء مؤهلون واكفاء مؤتمنون على الشعب ويعملون لأجل الأردن وهم كثر بالمناسبة، حينها يمكن أن تلبي كل التوقعات. لا يمكنك استئجار أي شخص وتوظيفه “رئيسا للوزراء ” من دون الأشخاص المناسبين.

.

الهدف الأول في نجاح الحكم هو “أن تكون الاستباقية لحق الشعب ومصالحه”. والهدف الثاني هو قرارات مع الشعب رضي من رضي وغضب من غضب، ودون الرضوخ الي مقولة ” يجب ألا تغضب القرارات ابوابا عليا”.

يريد الشعب الأردني ان يتخلص ممن اسماهم اراجوزات السياسة المشينة اصحاب نظرية اخافة الوزراء بمقولة ” رجاء لا نريد ان يغضب الملك “. ثم ما هو الخطاء في غضب الملك، كثيرا من القرارات في عهد يوليوس قيصر اغضبته لكنه تفهم انها لأجل الشعب فتراجع وقتل الغضب في مهده، وتلك اهم صفات القادة. القائد لا يغضب.

عندما ينجح الشعب ينجح الحاكم.

وعندما يكون التواصل بين الحاكم والشعب بطريقة إيجابية، وتمكين، فأن ذلك يساعد الوطن على ان ينجح.

إذا كان لا يمكن أيجاد وسيلة لإسعاد الشعب مع الاحترام والتشجيع وحماية حقوقه، واستئجار رئيس حكومة وطني للتعامل مع الشعب فأنها المشكلة الأخطر التي لا تدع مجالا الا لتدمير الامة والوطن.

آن الاوان لقراءّة يوليوس قيصر و نهجه القيادي من جديد.

aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى