شيطان الوهم

#شيطان_الوهم

م. #أنس_معابرة

يعمل اليوم في أمريكا لوحدها 2000 قناة تلفزيونية، و15 ألف محطة راديو، و1300 جريدة، و20 شركة إنترنت، و6 استوديوهات صناعة الأفلام، وتعود ملكية جميع وسائل الإعلام والملتميديا هذه الى ست شركات فقط.

لك أن تتخيل أن جميع ما يتم عرضه للجماهير من #أخبار وإعلانات ومسلسلات وأفلام وخدمات إلكترونية وغيرها يتم إقراره من قِبل ستة أشخاص فقط.

لا يختلف الوضع في منطقتنا كثيراً عن الوضع في أمريكا، أو غيرها من دول العالم، فالجميع متفقون على التحكم بالجماهير من خلال السيطرة على وسائل الإعلام وصناعة “البروباغندا”.

البروباغندا تعني الدعاية أو ترويج منظّم ومدروس لفكرة سياسة أو أيديولوجية، أو معلومات معينة تعكس اتجاهات واهتمامات أصحابها، للتأثير بها على غيرهم، لكسب تأييدهم، أو على خصومهم؛ لإصابتهم بإحباط، أو على طرف ثالت للتشهير بالخصوم.

لنأخذ مثلاً الحرب على العراق، والتي سوّقت لها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها، وتم تصوير العراق على أنه حليف لتنظيم القاعدة، ويقوم بتطوير أسلحة الدمار الشامل، ويحكمه نظام دكتاتوري، وأقنعوا العالم كله بالوقوف إلى جانبهم في حربهم تلك.

هذا جانب واحد فقط، أما الجانب الآخر فهو شيطنة كل من يقف ضد فكرتهم، أو حتى يلتزم الحياد، وتم إقصاء جميع السياسيين والإعلاميين الدوليين الذين عارضوا فكرة الحرب، وتم تسخير وسائل الإعلام المختلفة للتشهير بهم والسخرية منهم، مثل الصحفي بيتر أرنيت.

كما تم تسخير كافة وسائل الإعلام لنشر الخوف من الإسلام “الإسلاموفوبيا” بين الناس، وإنهالت الرسوم الكاريكاتورية والمقالات والكتب والمقابلات الصحفية التي تدعم تلك الفكرة، وبات الشخص الملتحي رمزاً من رموز الإرهاب.

إن من يبحث عن الحقيقة من وسائل الإعلام اليوم تماماً كمن يبحث عن إبرة في كومة من القش، حيث حرص القائمون على تلك الوسائل على إخفاء الحقيقة عن الباحث عنها، وكأنه شيطان لا يكتفي بإخفاء الحقائق، بل يعمل على صناعة الوهم، وتصديره للناس أيضاً.

ربما تتغير وسائل صناعة الوهم بين الحين والأخر، ولكن تبقى السياسة واحدة، فبينما كان الراديو هو الوسيلة إبان الحرب العالمية الثانية والحروب العربية الإسرائيلية، ثم التلفاز أثناء حربيّ الخليج الأولى والثانية وحرب أفغانستان، اليوم؛ يلعب الإنترنت المصدر الرئيس لتغطية الحرب الروسية الأوكرانية.

وبعيداً عن الحروب؛ لا يتوانى السياسيون في تسخير وسائل الإعلام المختلفة لمساندتهم في ترويج الدعاية لهم ولأحزابهم، وللسخرية والحط من خصومهم، خصوصاً خلال فترات الإنتخابات، وبإمكانك الإدراك بكل سهولة أن جميع وسائل الإعلام تأخذ من مصدر واحد، وتتحدث عن موضوع واحد وبالكلمات ذاتها، فالتعليمات صادرة من مصدر واحد فقط.

والجيل الجديد معرّض لنوع جديد من البروباغندا، تهدف إلى الحط من قيمته الشخصية، ودفعه تجاه الإستهلاك، ونزع الأفكار الوطنية والقومية والدينية من رأسه، وإحلال الشذوذ والإنحلال مكانها، من خلال إستمرار الترويج لها عبر القنوات الإعلامية الجديدة، كبعض القنوات التلفزيونية، ومنصات التواصل الاجتماعي وغيرها.

اليوم؛ نحن مطالبون بالتوقف عن الإنجرار وراء شيطان الوهم، والبدء في البحث عن الحقيقة من خلال التفكير والتمحيص في الأحداث والوقائع، مثل ربط هجمات الحادي عشر من سبتمبر بتنظيم القاعدة، وتطوير العراق لأسلحة الدمار الشامل، وإحتواء سوريا والعراق لتنظيم الدولة، وأسباب الحروب الأهلية في أفريقيا، والصراع في اليمن، وطموحات إيران، وتطلّعات تركيا، وغيرها.

كما يجب أن نضطلع بدور أساسي في توعية الأجيال القادمة من الأفكار الهدّامة التي يروّج لها شيطان الوهم، وتنشئة الأجيال على الفطرة السليمة والدين الحنيف والعادات والتقاليد الأصيلة، وتحذريهم من الأفكار الهدّامة كالإلحاد، والمثلية الجنسية، والحرية الفردية المطلقة، والكحول والمخدرات وغيرها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى