توتر بین ”النواب“ والحکومة وغضب شعبي .. هل بدأ العد التنازلي لرحيل الحكومة ؟

سواليف – فادية مقدادي
رفضت كتلة النهضة النيابية امس الأربعاء لقاء رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بعد دعوته لهم للقاء.
وبينت الكتلة ان رفضها للقاء جاء لعدة اسباب اهمها عدم قدرة الحكومة على ادارة الازمات الداخلية التي المت بالدولة منذ تشكيل الحكومة، اضافة الى تخبطها في التجاوزات الادارية عبر التعيينات الجائرة وغير المدروسة.
واضافت الكتلة أن ”كافة القرارات الاقتصادیة وحزمة الاجراءات التي قامت بھا الحكومة الأخذ بالرأي للنھوض بالواقع الاقتصادي لم تنعكس ایجابا، ما یؤكد تخبط الحكومة التي لم تراعِ والرأي الاخر، خصوصا مع النواب الذین یناط بھم دور التشریع والرقابة، ما أثر على روح العلاقة المطلوبة بین النواب والحكومة”.
من جهة أخرى رفضت كتلة الإصلاح لقاء الرزاز في دار الرئاسة، وطلبت ان یكون اللقاء في دار مجلس النواب.
وبحسب عضو الكتلة النائب دیمة طھبوب فان الكتلة ”ابلغت بموعد لقاء في دار رئاسة الوزراء أمس الاربعاء الساعة 11 صباحا بید ان الكتلة ابلغت الحكومة انھا ترحب باللقاء ولكن في مجلس النواب، فتم ابلاغ الاعضاء بتأجیل الموعد”.
ونوھت طھبوب ان العرف البرلماني ان تجري مثل تلك اللقاءات بین النواب والحكومة، سواء مع رئیسھا أو أي طرف فیھا، في مجلس النواب، وان اللقاء بأي مكان آخر ”لا یعطي الاجتماع الصبغة السیاسیة وان الكتلة لیست بصدد عقد لقاءات اجتماعیة مع الحكومة في الظروف الحالیة” .
يضاف إلى ذلك العديد من النواب الذين يعارضون سياسة الحكومة برئاسة الرزاز منذ بداية تشكيلها من أبرزهم النائب الدكتور صداح الحباشنة والنائب غازي الهواملة وغيرهما ، والذين لم يروا في شخصية الرئيس او طاقمه اي تغيير للنهج او سياسات جديدة قد تغير من واقع الحال في الوطن ، ويعتبرون حكومة الرزاز استمرار لما سبقها من حكومات ، من حيث الجباية والتغول على جيوب الأردنيين دون إيجاد حلول للأزمات المتعاقبة سوى بفرض المزيد من الضرائب وزيادة الأسعار .
واعتبر مراقبون للحالة الحكومية النيابية ، أنها مؤشرات على توتر لا يخفى على أحد .

كثيرة هي وعود الرئيس التي لم يستطع أن يفي بها منذ استلامه دفة السفينة ، مما زاد من الغضب الشعبي ، خاصة بعد خيبة الأمل الكبيرة التي مُني بها المتفائلون بشخص الرزاز منذ تكليفه ، تحت قاعدة أعطوه فرصة ، حيث يعبر الأردنيون يوميا عن استيائهم وغضبهم من القرارات التي يتخذها الرئيس ومجلس الوزراء ، مما أفقد الحكومة عبر الشهور ثقة المواطن وبدأ رصيد الشعبية لها بالنفاد ، فيما وصفه الكثير بأنه من أضعف الرؤساء الذين استلموا رئاسة الحكومة منذ إنشاء الدولة ، إن لم يكن الأضعف .
إضافة إلى كل هذا ، ما يكتب عبر صفحات الصحف والمواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي ، من مقالات ومنشورات ناقدة للحكومة وشخصية الرئيس ، تظهر انخفاض مستوى الرضى الشعبي ، وصل الى درجة السخط ، في ظل أزمات متتالية تعرض لها الوطن والمواطن منذ تشكيل الحكومة وما تلاها من تعديلين وزاريين خلال تسعة أشهر من عمرها ، لم يفلح الرزاز وطاقمه في تحقيق اي منجزات ترضي الشارع الأردني ، والذي خرج في شهر رمضان الفائت رافضا للسياسات نفسها التي تنتهجها الحكومة الحالية ، مما زاد من الاحتقان الشعبي ، تجلى في مسيرات المتعطلين عن العمل والتي صارت تتوالى على العاصمة عمان ، الى الديوان الملكي للمطالبة بفرص عمل ، في رسالة واضحة الى الحكومة أنها لا تستطيع تلبية مطالب الشعب .
ورغم محاولات الفريق الوزاري لامتصاص حالة السخط الشعبي العارم في كافة مناطق المملكة ، إلا أنها لم تفلح في ذلك ، فلا اللقاءات الحكومية مع الشباب تنجح ، ولا التطمينات الحكومية ، أو تصريحاتها ساعدت في ذلك ، حيث اعتبرت محاولات من الحكومة لتخدير المواطن وكسب الوقت .
لا ينكر المراقبون للمشهد العام في الأردن ، أن الأمور تتجه للتصعيد ، من قبل الشباب المعطلين والذين يزداد عددهم يوما بعد يوم على باب الديوان الملكي ، في حال من الإصرار على الاستمرارية حتى تلبية طلباتهم ، من جهة ، وما تتعرض له الحكومة يوميا من قصف واحتجاج من جهات أخرى تمثلت خلال الأيام الماضية بجدل بين نقيب التجار ونائب الرئيس وتهديد النقيب للحكومة بأنه لن يضمن ردة الفعل لدى التجار اذا لم يتم تعويضهم عن الخسائر التي تكبدوها بعد غرق محالهم التجارية في وسط البلد بمياه السيول والأمطار .
حرب تسريب وثائق لا يُعلم من يسربها ، زادت من الإحراج الذي يتعرض له الرزاز ، بسبب تناقض أقواله مع التواقيع التي تظهر على الكتب الرسمية التي يتم تسريبها ، والتي صعّدت من الغضب والاحتجاج ، وكأن الرزاز المتهالك شعبيا ، ينقصه حرب سرية غير معلنة من مصادر مجهولة ، تعجّل من ساعة الرحيل ، وتدفع بقوة نحو إقصاء الحكومة .
تسريب الوثائق لاقت تأييدا شعبيا كبيرا ، لأن الأردني لا يرضى أن يكون مستغفلا او مغيبا ، فمن حقه أن يرى شعار النزاهة والشفافية مطبقا ، لا أن يتم التعتيم على التجاوزات ، من إجل إرضاء المتنفذين على حساب الشعب .
برى آخرون ان الرزاز شخصيا وطاقمه الحكومي بات في وضع لا يُحسد عليه ، ورغم ازدياد عدد المتحمسين لرحيل الحكومة ، إلا أن التفاؤل بالتغيير في أدنى درجاته ، والبديل حسب رؤيتهم وخبرتهم بتشكيل الحكومات واخنيار الرؤساء، لن يكون أفضل ولن يأتي بالجديد .
الأزمات متوالية ، والسهام تُرمى من جهات عديدة ، والوضع لا يحتمل التسويف ولا التأجيل ولا الأفعال المستقبلية ، فلا بد من قرارات تخفف من الضغط الشعبي ، قرارات عملية واقعية ، فالمواطن ما عاد يرضى بالتطمينات المرحلية ولا إبر التخدير .
هل ينجح الرزاز في ظل هذه الظروف ؟ هل سيتلقى دعما يساعده على البقاء والاستمرار ، خاصة أن تسعة أشهر أثبتت أنه لا يمتلك مقومات استثنائية تميزه عن غيره من الرؤساء السابقين ؟ أم أن ساعة الإعلان عن فشل التجربة قد حانت ؟
ما يحتاجه الأردني الآن هو ترتيب البيت الداخلي ، بحضور الجميع ، ومشاركة الجميع ، والغياب في مثل هذا الوضع لن يرضاه المواطن ، ولن يجد له أي تبرير .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى