عدم وضوح الرؤية /سهير جرادات

عدم وضوح الرؤية
سهير جرادات

في الأول من رمضان استيقظ الجميع مفزوعين على صوته ، وهو يصيح بأعلى صوته بأن الرؤية غير واضحة ، ليتفاجأ أهل الدار، بأنهم فقدوا الوضوح في الرؤية.
بهذه البساطة بعد سنوات من التمتع بنظر ثاقب، كانوا يتفاخرون به أمام العالم ، أصبحت الرؤيا لديهم غير واضحة، بطريقة تثير الخوف والهلع في قلب الجميع .
اجتمع أهل الدار ، بعد أن بدأوا يتحسبون ما اصابهم من رعب وقلق على مستقبلهم، ليقرروا القيام باجراءات احترازية، والوقوف في وجه كل من يعبث بعينهم الثاقبة والرد عليه بكافة السبل والطرق ، وتباحثوا في أمر اغلاق باب الدار في وجه الجيران ، والتفرغ لإعادة ترتيب بيتهم الداخلي وتحصين جبهتهم الداخلية، والتخلص من كل شيء زائد وضار ، والقضاء على الأفكار البعيدة عن توجهاتهم وعاداتهم وتقاليدهم ، والقضاء على كل شيء لا يحمل مشاعر الانتماء والمحبة داخل قلوبهم إلى الدار وأهلها .

وبعد مساحات من الصمت التي اعقبت الحادثة ، بدأت التحليلات لما جرى في ” حادثة الأول من رمضان ” ، وأن «الذئاب المنفردة» هي التي تقف وراء ما حدث من مهاجمة الفيروس للعين، التي شكلت «صدمة جماعية» لأهل الدار، الذين بدورهم أجمعوا ووجهوا أصابع الإتهام، بأن «القصور الواضح» في السماح للفيروس المتمرد أن يدخل إلى الدار ، والتساهل معه في الأصل وتركه بعيدا عن الرقابة والوقاية، بطريقة تحول فيها إلى خطر يهدد الجميع ، ووصل به الأمر أن نال هذا الفيروس من هم في الأصل مسؤولين عن حماية المواطنين من الاصابة بأي فيروس يعبث ويهدد أمنهم وحياتهم واستقرارهم،بل يهدد أيضا جيران يسعى العالم بأسره للحفاظ على أمنهم وأمننا معا.

وفي غمرة انشغال أهل الدار في فهم ما أصاب أعينهم من حالة عدم وضوح في الرؤية ، جاء قرار حظر النظر بأعينهم ، من خلال الإغلاق عليها بقطعة شاش ، والتضييق على الحريات، وحرمان الناس من معرفة الحقيقة بشأنٍ أوجاعهم الداخلية ، وتركهم فريسة سهلة للعابثين بالوحدة الوطنية ممن يبثون الأكاذيب والفتن وبث السموم .

هذه الضربة القوية ، أظهرت الخلل الاعلامي من خلال تلك التصريحات غير المتزنه عن تلك الحادثة التي استهداف مركز حساس ، وخاصة أنها جاءت في أول يوم من الشهر الفضيل ، وفي الساعات الأولى له ، واصابت منتصف رأس المسؤول عن حماية الرأس وسائر الجسد ، فهزتنا جميعا ، لأنها نالت من يتمتع بالهيبة الكبيرة التي تجعل من يريد استهدافها يفكّر طويلًا قبل الاقدام على مثل هذه المغامرة.

وضعتنا ” حادثة الأول من رمضان ” أمام تساؤل كبير ، ألا وهو : ما المقصود ؟، وهل كان المطلوب كسر هيبتنا ، أم أن المقصود من المعالجة الإعلامية للحادثة إعادة تحريك فتنة نائمة منذ سنوات داخل تجمعات اقيمت خصيصا لها ، فيما الرهان في الوقت ذاته على فتنة داخلية تقوم على انقسام مفتعل إلى حدّ كبير.
تعالت الأصوات بعد ” حادثة الأول من رمضان ” ،لتجدد المطالبة بعدم إبقاء السلاح بين المواطنين.

ورغم أن التحليلات لما أصابنا من حالة عدم وضوح الرؤية، أخذت تتجه أنها عملية ارهابية كلاسيكية، تظهر فيها الفيروسات المسلحة بشكل مفاجئ، تهاجم ، وتقاتل ، وتختفي مجددا، دون أن تترك أي أثر، إلا أنه من غير الواضح ، كيف لهذه العين القوية الحادة أن لا تستشعر عن الهجوم ومنفذه ، وتقوم على ايقاف مخططاته قبل تنفيذها .
كيف تركتم أعيننا هدفا ولقمة سائغة لضعاف النفوس من الفيروسات لمهاجمتها ، رغم أن هذا الفيروس تم اكتشافه في العام 2012 عندما كان ولائه للقاعدة، وجرت محاكمته على هذا الاساس وبعد أن أمضى فترة محكوميته ، دون أن ينفذ بحقه العقاب المناسب أو العلاج الناجح ، بحيث عاد هذا الفيروس المتطرف مرة أخرى وهاجم العين في العام 2014 على خلفية الترويج ومحاولات التواصل مع مرض خطير يفتك بالمنطقة بطريقة داعشية .

ومن الواضح أنه تم التهاون معه مرة أخرى ليعود مرة ثالثة العام الحالي بقوة أكبر ، وفتك بخمسة من حراس العيون.

وحتى لا تصبح أمورنا خارج السيطرة ، علينا جميعا مراعاة مواعيد القطرات الوقائية والعلاجية للعين، لنضمن أن يعود الوضوح إلى الرؤية .
وحتى توضح الرؤية ، نحتاج إلى طقم عدسات جديد .
Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى