“تقرير” الحكومة قبل الرحيل..حط بالخرج

“تقرير” الحكومة قبل الرحيل..حط بالخرج

عبد الفتاح طوقان
اليوم كتابة تقرير “الحكومة “ الي الحاكم فن و علم يدرس لا اوراقا انشائية و ديباجات متكررة.

ان التقرير هو وثيقة رسمية من اوراق الدولة الاردنية و ليست كيس مخلوطة بذر و فستق حلبي للتسلية كما يعتقد البعض . ما يقدم للملك يجب ان يكون علي مستوي “ الملك “ و مستوي “الحدث” .

لذا فأن الخطاء الذي وقعت فيه الحكومة الاردنية في تقريرها ، الذي قدم للملك باعتباره ملخصا لأهم أعمال الحكومة على مدى عام ، انه اولا دفاعي عن الحكومة و مادحا لها بلسانها ( مادح نفسه كذاب ) ، ثانيا انه يحمل الملك ان الحكومة كانت تنفذ تعليمات عليا ( قامت حكومتي بتنفيذ المهام التي امرتم بها ) و ماذا عن المهام التي لم تؤمر بها الحكومة مثلا ؟ ، ثالثا انه صيغ بلغة انشائية ، رابعا انه لم يتعرض الي مشاكل الاردن الحقيقية و كيفية معالجتها ، خامسا لم يذكر كم كان الدين العام وقت ان استلمت الحكومة دفة الادارة و كم بلغت المديونية الان ، و طبعا يوجد سادسا الي خمسين من النقد الايجابي الذي لا مجال له هنا في تلك المساحة.

مقالات ذات صلة

وربما كان من الممكن ، أن لم يكن من الافضل ، عوضا عن الاشارة الي “ تكمن هنا المشلكة “ عوضا عن ايجاد حلا لها ، هو عدم اضاعة وقت الملك في مجموعة اوراق انشائية خالية من مضمون علمي و ارقام مقارنة و معلومات دقيقة واضحة ، ووضعها في صورة جدول بسيط مختصر لا يتجاوز صفحة ، وباختصار كلمات المديح الخاصة و تقليص صفحات و جمل متكرره لا داع لها عند كتابة التقرير.

التقرير بصيغته الحالية ضعيف و ركيك ، و هو عبارة عن لوحة يمضغ فيها الرئيس حلاوة حكومتة لتبرير اخفاقاتها و تحميلها علي “صعوبة المرحلة ، حساسية الاوضاع، الظروف الضاغطة علي الوطن ، التحديات “ مما يجعل تصنيف التقرير انه غير جيد وهو ما يجعله من اخفاقات عدة سيئةتضاف الي رصيد الحكومة.

ثم ماذا كان ينتظر رئيس الحكومة عند تكليفه بالحكومة ، ان يتم تشكيلها في الاجازة الصيفية ام في رحلة نهريه علي نهر التايمز ؟ آم كان يعتقد ان الحكومة تأتي و معها وصيفات الجمال و موسيقي تصويرية و طرب و غناء ؟ ، الحكومة القوية الفاعلة مكانها و مكانتها في الظروف الصعبة و الا فليترجل رئيسها و ترحل بمجملها.

و اقصد أنه لم يطفو التقرير الذي قدمته حكومة الدكتور هاني الملقي بعد عام علي ادائها إلى أعلى الحساء السياسي، بل ساهم في أن تغرق الحكومة نفسها دون أثربيد من كتب التقرير و اعده ، حيث أن تقريرها عبارة عن رص و صف و تسوية جمل غير مقروءة “عمليا “ في أعماق صناديق إعادة الطلب من المقام العالي لتدوير الحكومة و السماح لها بالبقاء بعد ان ارتفعت الاصوات الشعبية مطالبة برحيلها لاخفاقتها ؟

ولعل تقديم التقرير لمراجعته في مجلس النواب خلال الاسبوع القادم في جلسة برلمانية هو كاف لسحب الثقة عنها. بل ان بعض الساسة يعتقدون ان الوضع الدستوري يحتم ان تقدم الحكومة تقريرها الي مجلس النواب كنوع من كشف الحساب لا محاولة الالتفاف عليه و الحصول علي “ مباركة “ ملكية . و هي وجهة نظر .

و اعود لأقول أن التقرير لم يتعرض للمحافظات الاردنية مثلا و انما شملها جميعا في بوتقة واحده و كأنها “محظوظة” مثل مدينة عمان بخدماتها و تألقها ، علما ان الحكومة اهملت المحافظات و قتلتها بعكس ما ورد في كتاب التكليف السامي لخدمة العملية السياسية و التنمية الشاملة.

و ايضا لم يتعرض التقرير لمخاطر التصحر او مشكلة المياه باستثناء انها حفرت سبع ابار ، وقامت بتحضير مناقصة مشروع اي مكتب هندسي قادر علي تحضيره في ايام ، و لم تتعرض لمشكلة اسكان الفقراء باستثناء انها قامت بشراء سبع مساكن و لم تتعرض لمشكلة الازدحام ، بل لم تكن صادقة اذ نسبت لنفسها اختيار عمان عاصمة للثقافة الاسلامية و هذا ليس دورها او من اختياراتها.

و ادعت الحكومة انها خفضت رسوم قناة السويس للسفن الاردنية علما انه لا يوجد اي تخفيض حصري للاردن و انما هي سياسية مصرية عالمية ، كما لا يوجد اي كتاب رسمي او تعليمات لدي شركات الملاحة بذلك. و هذا يعني أنه لا علاقة للحكومة بالقرار من قريب او بعيد ، و بناءآ علي قرار مصر اعدت الحكومة المصرية اتقيات خاصة مع الدول بمجملها لاحقا.

و للتأكيد علي “ عدم مصداقية التقرير علي ذلك “ اشير الي قررت هيئة قناة السويس، في ابريل ٢٠١٧ ، ( منح سفن البضائع الصب الجافة المحملة القادمة من موانئ شرق وجنوب استراليا ومتجهة لموانئ شمال غرب أوروبا تخفيضا بنسبة 75% على رسوم العبور العادية. كما منحت نفس النوع من السفن القادمة من موانئ دولة جنوب أفريقيا ومتجهة لموانئ البحر المتوسط (متضمنة موانئ البحر الأسود) تخفيضًا 40%) . انتهي الاقتباس عن جريدة الاهرام المصرية ( الخميس ٦ ابريل ٢٠١٧ ) .

ثم هناك عدد لا يحصى من الاخطاء التي وردت في التقرير و ما قدمته والعديد من الارقام غير الصحيحة ، و منها مثلا انخفاض اسعار ٨١ من السلع، حيث تلاعبت الحكومة بالارقام باعتبار ان عدد السلع فقط ٥٧فقط هي كل ما يشتريه المواطن ، ( يتسائل المواطنين ما هي تلك السلع ) ، و اضيف أن السلع المتداولة تتجاوز خمسة الاف سلعة ،فلماذا اختصرتها الحكومة في ٤٧ و ارجعتها في المقارنة الي ٥٧ سلعة؟، و اعتبرت ان حوالات المغتربين قد ازدادات بنسبة ٣،٣ ٪، و هي ليست صاحبة حق في زيادة التحويلات لانها اصلا لم تساعد احد في الحصول علي وظيفة في الخارج ، و قضية ازدياد نسبة السياحة الي ١٨ ٪ ليس سببها جهد الحكومة و انما بسبب سوق اغلاق سوريه السياحي تحت الحرب الاهلية ، و اغلاق سوق سياحة مصر بسبب التفجيرات و نسف الكنآئس و الوضع الامني .

من كتب التقرير يعتقد انه وجبة طعام في الصواني ، يماثل جلسة منسف في عطوة عشائرية بعد “الجلو” متناسيا ان التقرير الذي قدم الي “ الملك “ يحتاج الي المصداقية و الاهتمام. و هذا يجعل الحكومة مطالبة بسحب تقريرها و اعادة كتابته بما لا يضيع من “ وقت الملك “.

في النهاية من تسعة عشر محور اوردها التقرير بصيغ انشائية لم تذكر اللبنات الأساسية من السياسات والتشريعات الحكومية ذات الفائدة التي قامت بها الحكومة باستثناء “ اجتمعت حكومي و قامت حكومتي ، و اعتمدنا مشروع التفتيش و مشروع الاموال المنقولة و برأة الاختراع وحاربت حكومتي الفساد “ ، و اكتفي هنا بذكر ما ورد في التقرير : “ نجاح الحكومة في “إصدار نظام تصنيع واستيراد وتداول الأكياس البلاستيكيّة القابلة للتحلّل “.

فعلا اهم نجاح هو “ الاكياس “ ، التي من الاهمية بمكان وضع مثل هذا التقرير كما يقول المثل الاردني الدارج “حط بالخرج”.

aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى