تشرنوبل تغير عباءتها / د . أيّوب أبو ديّة

تشرنوبل تغير عباءتها

أنجزت أوكرنيا مؤخراً أضخم هيكل متحرك في التاريخ الذي كلفها أكثر من مليار ونصف يورو وذلك لتغطية المفاعل المدمر في تشرنوبل الذي تعرض إلى كارثة في عام 1986 نتيجة خطىء بشري أدى الى نشر عناصر مشعة حول العالم وصلت إلى بريطانيا في الشمال الغربي وإلى تركيا في الجنوب وعلى نحو مرعب غير مسبوق في التاريخ باستثناء كارثة جبال الأورال عام 1957 عندما تسربت الإشعاعات نتيجة تآكل جدران مستودعات النفايات النووية ذات المستوى العالي من الإشعاع في موقع اسمه كيشتيم Kyshtum حيث غطت العناصر المشعة مساحات شاسعة من سطح الأرض إثر انفجار ضخم.
ونتيجة شدة الإشعاعات التي تطلقها العناصر المشعة في تشرنوبل فقد تهالكت القبة الخرسانية الضخمة التي بناها الاتحاد السوفياتي السابق لحصر الإشعاعات في المنطقة بعد أن أدت الكارثة إلى التلويث الهائل للمناطق المجاورة والأنهار والينابيع والناس والطبيعة بتنوعها الحيوي، وأدت إلى ظهور التشوهات الخلقية في البشر والحيوانات والطيور والحشرات والأشجار وما إلى ذلك، وقد تم توثيقها وأصبحت من أدبيات الرعب النووي الناجم عن الكوارث النووية.
لقد تهالكت القبة الخرسانية المسلحة أخيراً واستلزم الأمر بناء قبة جديدة بمليارات اليورو الأمر الذي يدل على التكلفة الباهظة للمشاريع النووية وتخاذل العالم عن مسؤولياته الاخلاقية تجاه الإنسانية في البحث عن مصادر بديلة ونظيفة للطاقة والتي هي متوافرة بين أيدينا وبأسعار زهيدة؛ ولكنه يبدو أن الصناعة النووية هي استثمار هائل ومصدر لإنتاج القنابل النووية وأسلحة الدمار الشامل التي من شأنها تدمير العالم في يوم من الأيام.
ختاماً نقول أنه لا يمكن للعالم الرأسمالي بشماله وجنوبه أن يفرط بقدراته النووية الفتاكة استعداداً لاستخدامها في تدمير البشرية في لحظة غضب أو تنافس على القيادة، ويبدو لنا أن الشتاء النووي قادم لا محالة في ظل ما يشهده العالم من صعود لليمين المتطرف في دول كثيرة حول العالم.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى