تراجع مستوى محاضرات شومان / د أيوب أبودية

تراجع مستوى محاضرات شومان

محاضرة المهندس نجيب صعب في مؤسسة شومان بعنوان “البيئة العربية في عشر سنين” كانت توضيحية ولكن في الوقت نفسه كانت مثيرة للجدل من مفاصل منهجية وبيئية معأ بالرغم من عدد الحضور المعقول وتواجد رهط من وزراء سابقين يصفقون ويتسامرون في المقاعد الامامية خلال المحاضرة.

ألقى علينا المحاضر نتائج احصائية لقياس الوعي العربي و أولوياته فيما يتعلق بالقضايا البيئية ولم يوضح أسلوب الاحصاء وشموليته وعلميته ,فلم يتطرق مثلا الى الشرائح الاحصائية: هل اشتملت على تنوع في الشرائح stratification واعداد العينات وطبيعة عملها ومستواها التعليمي والأجتماعي والجنس والفئة العمرية وما الى ذلك. فإذا لم تكن الإحصائية مؤسسة على علم الإحصاء الحديث فلن تكون النتائج معبرة تعبيرا دقيقا عن الحالة المدروسة للوعي البيئي في العالم العربي واولوياته .

الملاحظة الأخرى كانت حول دراسة حالات النجاح والفشل في العالم العربي كحالتي الأردن والمغرب على سبيل المثال .فقد سجل الأردن المرتبة الثالثة عالميا في دراسة مرصد الطاقة المتجددة REN21 من حيث كمية الإستثمارفي الطاقة المتجددة نسبة الى مجمل الدخل القومي GDP كذلك أنتج الأردن في عامي 2015,2016 من الكهرباء المتجددة ما مجموعه 927 غيجا واط.س ,أي نحو 5% من الانتاج الكلي للكهرباء ومن المتوقع ارتفاع هذه النسبة الى 10% خلال عامين وربما يصل الى 20% بعد عام 2020بقليل , وهذا انجاز مهم لم يسر إليه المحاضر علما بأنه مدعو من قبل مؤسسة أردنية.

وتجربة النجاح في المغرب تدعو للإعجاب ولكن كان من الأولى على المحاضر أن يخبرنا لماذا حققت المغرب هذا النجاح وكيف؟ والنجاح ليس فقط بوضع خطة للوصول الى 52% طاقة متجددة عام 2030 بل البحث موضوعيا عن سبب القفزة التي حصلت من 1.7% عام 2009 الى 32% عام 2012 كي نتعلم منها.

وهل هذا الطموح يكفي للدول العربية؟فلماذا لا نقتدي بالدول التي تتجه صوب انجاز مئة بالمئة طاقة متجددة في الكهرباء عام 2020, أي بعد ثلاثة سنوات فقط ,مثل سكوتلندا وكوستاريكا والأرغواي ونيكاراغوا , وأيضا الدول التي سوف تحقق مئة بالمئة طاقة متجددة في كافة القطاعات بما في ذلك قطاع النقل بحلول عامي 2040-2050 مثل سكوتلندا والسويد والدنمارك.

ولم نسمع من المحاضر شيئا عن قيمة التدهور البيئي الذي بلغ في بلد كمصر 5% عام 2006 من مجمل الانتاج القومي ويتزايد , وفي الاردن ارتفع من 3%الى 4% في العقد الأخير ,فيما تم تصنيف الأردن العاشر عالميا بعد مصر في التدهور البيئي ,فهذا مؤشر خطير لا ينبغي اغفاله في الحديث عن البيئة في العالم العربي .

ختاما نقول اننا أيضا نتفق مع المحاضر فيما ذهب اليه في بعض القضايا وبخاصة ضرورة الإبتعاد عن الفحم والطاقة النووية كمصادر باتت مشطوبة بيئيا وفي قوانين السوق ولم تعد تستجيب لرغبة شخصية أو قرار سياسي وذلك لأن أسعار الطاقة المتجددة انخفض على نحو غير متوقع حيث باتت منافسة لكل مصادر الطاقة الأخرى فقد وصل عرض الكهرباء الشمسية للسعودية مؤخرا أقل من 2 سنت أميركي للكيلواط.ساعة مقارنة بمبلغ 14 سنت للنووي.كذلك فإن التمويل لهكذا مشاريع رفيقة بالبيئة غدا أسهل بكثير . فالمسألة اليوم لم تعد في صعوبة الخيارات لأنها باتت واضحة جلية فالطاقة المتجددة بعد أن وضعناها فوق منازلنا لتوليد الكهرباء وتدفئة المياه قد أصبحت جزءا من نسيج نوافذنا PV glazing وفي مركبات المستقبل وطرقاتها . لذلك فإن العالم العربي مدعو اليوم للحاق بركب العالم للإستثمار في الطاقة المتجددة النظيفة وتطوير شبكات الكهرباء لتصبح شبكات ذكية وجعلها شبكات لامركزية مستقلة وفتح سوق التوليد للتنافس الحر لخلق فرص عمل جديدة في المحافظات تحقيقا للاستقرار المجتمعي والرفاه لعامة الناس.

لقد بات التطور العلمي يتسارع في العالم بوتيرة لم يسبق لها مثيل ,فإذا لم نسخره لخدمة البيئة في العالم العربي فلن يزداد التلوث وحسب بل سوف ننقرض عن وجه هذه البيئة ونصبح خبرا بعد عين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى