تحت الضوء

تحت الضوء
د. هاشم غرايبه
بعد فوات الأوان، يتذكر #الغرب الآن خطأهم الجسيم عندما أباحوا للروس التدخل لدعم نظام الأسد الذي كان آيلا للسقوط عام 2015، ما أعماهم تلك الأيام عن رؤية سوء عملهم هو ما يعمي كل المتعصبين دائما، فقد غلب عليهم حقدهم الدفين على #الإسلام، وأطماعهم التاريخية في ديار #المسلمين، فلم يروا في الأمر الا مصلحة خالصة، يوقعوا عدوين لهم ببعضهم: المسلمين و #الروس، فالعملية بتقديرهم كانت ربحا صافيا من غير خسارة.
الروس فرحوا بذلك، لأنها أتاحت لهم التدرب وتجريب الأسلحة ميدانيا، في بلاد يشاركون الغرب في طمعهم بخيراتها، ويماثلونهم عداء لمنهجها.
تتبع #روسيا الآن في حربها في #أوكرانيا استراتيجية، جربتها سابقا في #سوريا، تقوم على حصار المدن واستهداف البنى التحتية بقصف جوي ومدفعي مدمر، قبل تفعيل “ممرات آمنة” لإجلاء المدنيين.
الفارق الرئيس هو أن روسيا لم تنشر قوات على الأرض الى جانب قوات النظام السوري وحلفائه الإيرانيين، إذ كان في مواجهتها في سوريا مجموعات معارضة مقاتلة مشتتة غالبا، وتفتقر إلى السلاح والتجهيزات والدعم الدولي، لذلك سرعان ما أسهم تدخّلها في قلب موازين القوى على الأرض، بعدما كانت القوات السورية التابعة للنظام خسرت جزءا كبيرا من الأراضي، لكنها تواجه اليوم في أوكرانيا مقاومة من جيش منظم، وسط تعبئة سياسية دولية رافضة للحرب على أوكرانيا..
ومن بين كبار الجنرالات الروس الذين اختبروا أسلحتهم في أجساد المدنيين العزل في حلب والغوطة وفي قدرتها التدميرية لمنشآتهما الحيوية، قتل اثنان لحد الآن هما اللواء “سوكوفيتسكي” والجنرال “غيراسيموف” .
لطالما صدرت اتهامات خجولة من منظمات حقوقية ودولية لروسيا بدعم النظام السوري في حصاره للمناطق الخارجة عن سيطرته وتضييق الخناق عليها عبر استهداف البنى التحتية والمرافق الصحية والخدمية، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية من أجل دفع السكان ومقاتلي المعارضة إلى إخلاء مناطقهم، لكن أهازيج الحرب على الإرهاب كانت تغطي عليها فلا تصل إلى أسماع المجتمع الدولي، وعربيا تولت الأنظمة العربية وأجهزة إعلامها ومعهم منافقو الأمة من معادي منهج الله، مهمة تسويق العدوان الروسي – الغربي الحاقد على سوريا، وتصوير تدميرها الممنهج لحواضر الحضارة الإسلامية في الموصل وحلب على أنها مجرد مهمات قصف محددة لقواعد الإرهابيين.
لكن الأصوات المنددة الآن، باتت أعلى، ومن جهات رسمية مهيمنة على الإعلام العالمي، لذلك يسمعها العالم، وتهيمن أخبارها على كل أحداث العالم، فخلال الهجمات العسكرية عام 2016 على مدينة حلب ثم على محافظة إدلب بين عامي 2019 و2020، شنّت موسكو مع قوات النظام السوري غارات استهدفت “بشكل متعمّد” عشرات المدارس والمستشفيات والأسواق، موقعة الكثير من الضحايا، غير آبهة بنداءات المنظمات الإنسانية الدولية لتحييد المنشآت المدنية.
فقبل يومين من بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، أبدى كينيث روث مدير “هيومن رايتس ووتش” قلقه من “إمكان استنساخ ما وصفها باستراتيجية جرائم الحرب” في سوريا مجددا في أوكرانيا.
ومع بدء الحرب، اتهمت منظمات حقوقية -بينها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية- روسيا باستخدام قنابل عنقودية في قصف على مدرسة ومستشفى في مدينة “خاركيف”، وبقصف مستشفى للأطفال والتوليد في مدينة “ماريوبول”، مما أثار موجة استنكار دولية وتنديد بما وُصف بأنه “جريمة حرب”.
وتبدّى التعصب الأرثودوكسي ضد المسلمين جلياًّ، حينما كان أسقف روسيا (يبارك) الجنود الروس قبل ذهابهم الى سوريا، ويصف حربهم بأنها (مقدسة)، لم يعد يفعل ذلك هذه المرة، بل يدعو للرحمة والتسامح.
كل ذلك لم يعد يدهشنا، فحرب معادي الإسلام معه لم تتوقف منذ بزغ فجره.
لكن المدهش، أنه لا صوت نسمعه لمنافقين من بين الأوكرانيين يسوقون للعدوان الروسي على أنه جاء لتخليصهم من النازيين الجدد، من مثل ما كنا نسمعه من مدعي العلمانية من بيننا الذين كانوا يهللون ويهتفون للطائرات الروسية وهي تلقي بحممها على رؤوس المدنيين العزل في حلب والغوطة والرقة، باعتبارها جاءت لنصرة الديمقراطية ومحاربة الإرهاب!.
ألا يعني ذلك أن مسمى المنافقين هو حكر على هذه الأمة!؟، وأن النفاق هو صفة لازمة لمن يعادي الإسلام من بني أمتنا حصرا وتحديدا، ولا تجده عند الأمم الأخرى.
وذلك يفسر لماذا توعد الله المنافقين بعذاب أشد من الكافرين.. بل هم في الدرك الأسفل من النار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى