تبغددوا يا همل! / م . عبدالكريم ابو زنيمه

تبغددوا يا همل!

ما نراه ونعيشه اليوم من فلتان أمني وانهيار منظومة القيم المجتمعية وانهيارمعظم النشاطات الاقتصادية هو حصاد لما بذره أولئك الصلعان عندما أحكموا قبضتهم على مفاصل أجهزة الدولة ، صحيح أن هناك تراكمات سلبية عبر عقود من الزمن كان سببها الرئيسي الأحكام العرفية وغياب الرقابة والمساءلة مما أدى الى استفحال وتغول مؤسسة الفساد على معظم مفاصل أجهزة الدولة .
مع بداية ظهور مؤشرات الانهيار والأزمات الاقتصادية في نهاية ثمانينيات القرن الماضي وما كان يرافق ذلك من ضغوطات على النظام الاردني للانخراط في المشاريع الصهيوأمريكية أضطر النظام للعودة الى ما سمي بالحياة البرلمانية عام (1989) ليكون الشعب الأردني عبر البرلمان المزيف شريكاً في اتخاذ القرارات اللاوطنية وكان أولها توقيع اتفاقية وادي عربة عام (1994) كأول غيث لما سيتبع من قرارات وكلها لا تصب في مصلحة الشعب الأردني بألرغم من كل التطبيل والتضليل الإعلامي المرافق لهذه القرارات ، ومنذ ذلك الوقت والحياة البرلمانية لم تضف شيئا إيجابياً لتعزيز وتطوير الاقتصاد ولم تحارب الفساد بل كان بعض عناصرها شريكا وحامياً للفساد ، ولم تحقق العدالة وتكافؤ الفرص ولم تؤطر دولة المؤسسات ولم تعمل الحكومات المتعاقبة ولا المجالس التشريعية نهائياً على تنمية الحياة السياسية والتي تعتبر من أهم عناصر مقومات التطور والنجاح ،وما نراه اليوم من تنامي سلطة الزعران وتسيدهم لمعظم الواجهات المجتمعية والجغرافية في الاردن بدعم ورعاية أجهزة ومؤسسات حكومية الا النتيجة الحتمية لغياب التنمية السياسية بمفهومها الإنساني والحضاري والتنموي .
وفي الاونة الأخيرة نلاحظ تسارع وتيرة الانهيارالاقتصادي كحصاد لما زرعته حكومات الديجيتال المستورده التي أفقدت الدولة هيبتها ،فقد زاد الانفاق على المشاريع غير الإنتاجية وخصخصت أو بالأصح حصحصت الأملاك العامة وزاد الاقتراض من الخارج وانخفضت الصادرات مقابل الاستيراد وزادت نسبة البطالة وارتفع معدل الجريمة وانتشرت آفة المخدرات ،لكن الأخطر من هذا كله كان الإعلام الرسمي والخاص الموجه للشباب والأطفال ،هذا الاعلام الهابط والرخيص (برامج العنف والقتل والجريمة والخلاعة والابتذال…الخ) الذي أثر ويؤثر على التفكير والسلوك الجمعي للشباب وانحراف منظومة التعليم عن التربية الوطنية وفشلها في تحقيق المعرفة العلمية والإبداعية والإنسانية ومع الانسحاب شبه الكامل للحكومة عن البرامج الراعية للشباب ولأسباب أخرى كثيرة لا مجال لذكرها أدّى إلى بروز هذا الارهاب الذي نراه في جامعاتنا وانتخاباتنا ومجالسنا وقرانا وطرقاتنا وكان آخرها ما حدث في الجامعة الاردنية ،فالديمقراطية المزيفة التي تتغنى بها حكوماتنا أعادت التفكير والسلوك المجتمعي إلى عصر الجاهلية عبر قوانين الانتخاب التي تكرس العشائرية والتعصب القبلي والنزعة العدوانية والانحطاط السلوكي تجاه الآخر ،فما عدنا نسمع داخل منارات العلم إلّا صيحات ( يا لثارات كليب )،فهذه الجموع التي استباحت حرم الجامعة بسيوفها وحرابها وما سبقها في جامعات أخرى لا تذكرنا إلا بحشود داحس والغبراء وحرب البسوس .
“من أمن العقوبة أساء الادب” حكمة قالها الإمام علي رضي الله عنه قبل (1400) عام ، فكل هذه المظاهر ” مشاجرات ،اعتداءات وسطو على الأملاك العامة ،اختلاسات ،استغلال وظيفي ،توزيع وهبات المناصب ….الخ يعرف أصحابها مسبقاً بأنه ليس هناك مساءلة ولا عقوبة ستطالهم ،وكما قال المثل “زيتون برما داشر وتبغددوا يا هّمل “

اظهر المزيد

تعليق واحد

  1. جذبني العنوان فدخلت لارى ابداع من نوع جديد بالفعل هذا ما جرى في اردننا الغالي كثير من الكتاب تناولوا ما يمر به اردننا باشكال وطرق مختلفة وجميعهم ذكروا عددا لا بأس به من اسباب وصول اردننا الى هذه المننحدرات الدونية من حياة البشرية ولكنك سيدي العزيز قد الممت بالموضوع من اصوله ووضعت يدك على المرض وليس العرض وانا لا ارى ما وصل اليه حال الامة جمعاء إلا انن غفلنا عن اية في كتاب الله جل وعلى وهي ؛ ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ( 25 ) ) الانفال ) فسكوت اهل الحق عن الحق جعل اهل الباطل يظنون انهم على حق .

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى