ستون ثانية / نور الجابري

ستون ثانية
في طريقي الى العمل كل صباح اختصر ما يحدث،
اذهب مشيا على الأقدام حيث اعمل بمستشفى مجاور لمنزلي
افتح الباب الخارجي للمنزل لأجد عجوزا تجر عربتها و تلتقط ما يعلقه الناس على أبوابهم من خبز ناشف ،ارقب تجاعيد وجهها و كأنها تغسل وجهها بمرارة الأيام ،
أراقب الاطفال في طريقهم الى المدرسة ،ابحث عن بسمة ضائعة فلا اجدها ،ربما تم استبدالها بالثياب الرثة ،استغرب نظرة الخوف تملا محياهم ،أهو خوف من من المدرسة او من المستقبل ،ربما هم في شوق الى الام ،
عامل النظافة يلتقط اكياس و يهز راْسه لي اذا التقت اعيننا ،اشعر انه يكنس وجعه بدلا من الارصفة ،فقد غطته اتربة الاحزان ،
بائع البقالة يسارع الى فتح بقالته ، يلتفت الي ليلقي السلام دون ان ينتظر الرد ،هو عجول ،او لا يحب انا يراه احد في الصباح ،ففي وجهه اثار للسهر و المرض ،اقطع نصف الطريق أصل الناصية ، احدهم ينتظر مرور تاكسي بعصبية
لعله يتاخر كل يوم ،لانه يتنقل بين عملين ،فتاة ترقب الشارع دون اكتراث لتنتقل الى الجهة الاخرى لعلها تفتقد شيء ما بداخلها ، مسن يجلس على الرصيف يشعل في البرد سيجارته و يحترق معها ،ادخل الى البقالة المقابلة للمستشفى و اكتفي بالسلام المختصر
ليكتفي البائع باخراج دخاني حالما يراني ،و يسألني كما كل يوم ،هل يوجد عمليات الْيَوْم ،اعرف انه ينتظر قدوم المرافقين للمرضى ،
خمسون متر هي الفاصلة بين المنزل و العمل
امر بها بشعب محمل بالأسى ،تسكنه الهموم ،و اطفال لا شيء يبهجهم .
اخاف و لا انظر لأحد اخر .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى