بابونج
كامل عباسي
على ظهور الحيطان تجده بلون زهره الأصفر الفاقع على جنبات الأبيار ومسيل المياه ايام الشتاء . وفي الحواكير وبعروق السناسل وعالبيادر
تجمعه امي وتنشفه وتصّره بكيس قماش وفي ليالي الشتاء تغلي بريق كبير وتسقي الجميع بدون ما يكون بطنك يوجعك او ملفوح او مفلوز
البدوي الذي يعيش في الصحراء لم يكن يسمع بمستشفى خاص او طبيب على راسه ريشة يكتفي بالشيح والقيصوم . في الحصن لم يكن طبيب كان البابونج وعشبة اسمها جرية العصفورة وبعض اعشاب برية كافية لتحميك من الرشح او المغص الناتج عن عشاء شوربة كوارع . الحليب واللبن كان اكثر فائدة لأن الأغنام تأكل البابونج والأعشاب البرية المفيده والبيض البلدي عبارة عن دواء دون ان تدري
كانت السماء اكثر رحمة بالبشر والناس اكثر رحمة ببعضهم والجدات يعرفن الداء والدواء كُنّا اكثر طيبة وأكثر انسانية قبل اختراع العيش المُشترك كانت البيادر تتزاحم على العطاء دون حساب والسماء لا تبخل على الأرض بالمطر والحب سيد الحارات والجارات اكثر التصاقا والبيوت اكثر محبة والطين يحكي قصص البيوت العتيقة وبنت الجيران اكثر وفاء
في بيوتنا مخدات من قش الحُلبة لها رائحة حوران وفرشات الصوف من اغنام القرية ودواشق من بقايا هدومنا ومن الطين نصنع صوامع لحفظ الحبوب ——————وللحديث بقية
