انتخابات جامعية.. ما تحت الطاولة! / صهيب عمر طويط

انتخابات جامعية.. ما تحت الطاولة!
كنت جالسا مع عدد من زملائي أمام كلية الحجاوي للهندسة -والتي أكن لها كل المحبة-.
وكنا نناقش بعض الأمور حول المواد الصعبة التي نرسب فيها بشكل متكرر كل فصل!!, فلا تكاد مادة نَمُر عليها دون أن تُعاد مرتين أو ثلاثة!!.. وإذ بفتاتين تمرُان بجانبنا والنقاش كان محتدما, لتقول احدهما للأخرى (مال الشباب هيك بحكوا و محموقين!), لترد الأخرى قائلة (اسكتي هاد شكله تكتل جديد!!).
في كل عام تَمُر الجامعات بفترة انتخابات لتمثيل الأقسام, لاختيار شاب كفؤ من الممكن أن ينقل هموم الطلاب إلى الجهات المعنية, تلك التجربة الديمقراطية الجميلة, و التي لم اعد أراها كذلك, بسبب أمور كثير من أهمها (العنصرية), التي باتت تتغلغل في عروق الشباب و قلوبهم, حتى صاروا يُعلون أسماء مُدنهم و عشائرهم ويضعونها فوق أي اعتبار!!, حتى باتت تمنعهم من اختيار الشاب الكفؤ, وذلك لأنه لا يمثل المدينة أو العشيرة !!!
فما إن تبدأ فترة الانتخابات حتى يبدأ معها العمل الإعلامي والميداني, أما الإعلامي فيتمثل بالصور والإعلانات على الجدران ومواقع التواصل, ناهيك عن المنشورات الهادفة ومنشورات (الطخ و التلغيز و الرسائل المبطنة), التي تستهدف المرشح المقابل وجماعته!!.

أما العمل الميداني فيتمثل بالترويج للمرشح الميمون وذكر محاسنه ومناقبه وعدد الغزوات التي شارك بها !!, ويتضمن ذلك الشتم والانتقاص من المرشح المقابل, وذكر كل عيوبه ووضعه ضمن القائمة السوداء أو مع (أبو لهب) إذا تطلب الأمر!!, ناهيك عن شراء الذمم بطريقة مميزة واحترافية, ومنها خاص (للمزز) مثل (دباديب والشكلاته و الورود),
وإذا كنت ترغب في الوقوف بجانب مرشحهم فأنت من الأشخاص الطيبين والصادقين بل انك احد المبشرين بالجنة!, وأما إذا خالفت أهوائهم, فستحل عليك اللعنة إلى الأبد!!!

أما ما يحدث تحت الطاولة.. فهو أمر خطير وسري, ولا يستطيع أي شخص أن يطلع عليه أو أن يتكهن به, فهو أمر خاص بكبار المدن والعشائر والتي تقسم إلى عدة أقسام بحسب أهميتها وعدد المرشحين الذين يندرجون تحت اسمها, ولذلك فانه ومن الضروري أحيانا أن تتحالف بعض هذه المدن والعشائر لصنع قوة جديدة للمنافسة لدعم مرشح ما, وليس هذا فحسب وإنما من اجل أن يظفر هذا التحالف بمقعد اكبر من تمثيل القسم وهو تمثيل الكليات ثم بعد ذلك تمثيل اتحاد الجامعة, وهذا ما يعرف بالتكتل!!.
و ليس الأمر بهذه البساطة, فترى هذه التكتلات تتغير بشكل سريع جدا, و بحسب مجريات الأحداث, وتطورات المشهد الانتخابي وقوة المرشح, ومن الممكن ظهور تكتلات مفاجئة في أي وقت, فلكم أن تتخيلوا عدد الاجتماعات في تلك الفترة, والى ساعات متأخرة من الليل, وكأن القدس ستعود على يدي هذا المرشح المبارك!! والذي لا يستطيع أن يمنع تلك اليدين من التوقيع على (شيك) بملغ ما لأحد التكتلات, وذلك لضمان عدم خيانته, ويرافق ذلك (حلفان يمين مغلظ ومصور) بأن يكون صادقا!!!.

إن النقطة الجوهرية والمحركة لكل هذه الحشود والجهود من هؤلاء الشباب, هي في الغالب إعلاء أسماء المدن والقرى أي (العنصرية), و أنا لا أقصد جهة معينة أبدا, فهذه النزعة موجودة لدى الجميع. ولا أخفيكم سرا أنني انجرفت مع هذا التيار إلى حد ما, و كدت اخسر بذلك أصدقاء لي, و لكني –والحمد لله- تداركت الأمر قبل فوات الأوان!!.

إن هذه التجارب كان لها نتاج ووقع خاص لدي, حيث تعلمت أنه يجب علينا اختيار الأفضل دائما, وأن يكون للحق والخير الكلمة العليا, وأن نقول لا للمظاهر والعشائرية والعنصرية,
فهي أساس الاختيارات الغير عادله, وبالتالي هي أساس الفساد!!,
وأن التغيير يأتي من الشباب الطامح له, والعامل من أجله, فكلنا يشكوا الفساد وسوء الأحوال, وعدم كفاءة النواب في البرلمان و البلديات, حيث أن انتخابات الجامعة هي نموذج مصغر عن تلك, فهل نأتي نحن لنزيد الطين بله!!..
يجب أن ندرك أن الإصلاح يأتي من داخلنا, من قلوبنا وعقولنا, وندرك أن العنصرية دمار للغايات النبيلة, تحطم كل ما هو جميل!! وتبعث في النفوس حقد بلا مبرر!!!!!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى