الى من يهمها الامر / الساخر محمد طمليه

الى من يهمها الامر

وصحوت اخيرا من حلم دام سنوات خمسا

عشته بكل تفاصيله ، بالامه واحزانه، بافراحه ، بغضبه ورضاه، وذبت في تفاصيله حتى كدت انسى ، ولكنني في النهاية صحوت على حقيقته ، فهو كان وما زال حلما !

وماذا يملك المرئ من امر قدره؟ هل يملك له تحويرا او تعديلا ؟ اما انا فربما ظننت ، بل وآمنت بقدرتي على ذلك ، واما القدر فكان رده قاسيا لا يرحم، كمعلم قاس ترك الحبل على غاربه للتلميذ ليتمادى في تعظيم نفسه، حتى اذا بلغ السيل الزبى رد القدر بصفعة اعادت الى التلميذ وعيه ، واستعاد على الاثر احساسه بما حوله : لقد كان وما زال حلما !

مقالات ذات صلة

هل كان كل هذا حلما ؟ تمر الآن على مخيلتي صور وصور لا نهاية لها عن ايام وليال وافراح واحزان واحلام صغيرة وصباحات عذبة ملؤها الامل بان يتحقق اليوم ما لم يتحقق بالامس .. وتمر ايضا على مخيلتي صور اخرى اكثر وضوحا ، صورة ارى فيها ” المرة الاولى ” كفيلم سينمائي تحب ان تشاهده مرارا رغم علمك انه سيء الاخراج وان حبكته ضعيفة ، وصورة اخرى ارى فيها ” المرة الاخيرة ” كأنها لحظة اتذكرها منذ آلاف السنين رغم انها حدثت اليوم او بالامس او قبل سنوات خمس – الان ادرك انه لا فرق . وبين الاولى والاخيرة اتذكر مرات اخرى . استحضر في ذهني حديثا قصيرا – لست متأكدا من حدوثه – لم أُجد او لم أُرد فهمه ، واستحضر ايضا ساعات انتظار – ربما لم انتظرها – لما اعرف انه ليس آتيا ، واستحضر اشياء واشياء لست واثقا ان حدثت ام لم تحدث ، بل ان الاقرب انها لم تحدث ولن تحدث ، فالحلم في النهاية حلم وان ظننت لبضعة سنوات انه حقيقة ،واتذكر اياما تجرأت فيها وبحت ببعض ما في نفسي لنفسي ، واياما اخرى امضيت فيها ساعات من التأمل وحساب المخاطر ان انا مارست حقي بالبوح … رباه هل استحق ذلك؟ ولم يبوح غيري بسهولة ويسر ، وكأنما تعلموا ذلك بالفطرة؟ هل كنت غائبا حين اقتسم الخلق حظوظهم من ذلك ؟ ورغم كل هذا ، فانا ما زلت مصرا انني الآن اعرف : لقد كان وما زال حلما !

اجزم ان القليل من الناس ملكوا الجرأة الكافية للتورط في الاحلام، واستطيع ان اجزم ايضا ان عددا اقل تمكنوا من الدفاع عن ذلك لسنوات ، وانا الآن اعلن وباقتناع تام ان الثمن غال جدا ، اغلى مما يقدر البشر عليه ، لذا فلا عجب ان لم يسدد احد منذ الازل ثمن حلم واحد للحظة واحدة او ثنتين ناهيك عن احلام تمتد لايام وسنين ، ولا عجب ايضا ان كل من تجرأ على التورط في الحلم امضى بقية حياته عبدا لحلمه … انا لم اسمع ابدا عن رجل خرج من جلباب احلامه ، فهل سمع احد بذلك؟

وها اناذا الآن اجد نفسي عالما بان الحلم لن يتحقق ، وهذا لا يزعجني كثيرا الآن. ربما ازعجني في الماضي القريب ، اما الآن فانا اقرب الى اليقين ، واليقين لا يأتي الا ومعه الطمأنينة والاستقرار ، فنحن في النهاية بشر نمضي جزءا ليس باليسير من حياتنا نبحث عن الطمأنينة والاستقرار حتى لو كان هذان مصحوبين بالبؤس والشقاء ..

انا اليوم حزين، ولا اجد احدا الومه على حزني الا نفسي وبعضا من حوادث القدر التي ساقتني الى حيث ساقتني ، ولكن حوادث القدرهذه لا تكترث بي ولا تهتم بلومي او بحزني ، لذا فسوف احزن واعاتب نفسي الان وغدا وبعد غد ، وسأحزن الآن وبعد مئة عام، ثم ساصدق انني لم اعد حزينا ، وسابدأ بحثا جديدا عن حلم آخر وحزن آخر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى