النوّاب والموازنة

النوّاب والموازنة
سلامة الدرعاوي

هذه هي الدورة الأخيرة لِمَجلس النوّاب، ليَكونَ بِذلكَ أمضى أربع سنوات كامِلة، وبعدها سيكون هناك انتخابات برلمانيّة جديدة، مع بقاء التمديد خياراً مَفتوحاً لِصاحب القرار حسب مقتضيات الوضع وتطوراته في حينه.
مَجلسُ النوّاب هو صاحب الصلاحيات الدُستوريّة في إقرارِ مَشروعِ قانون الموازنة، وعادة ما يلجأ النواب إلى مطالبات مناطقيّة وخدميّة في جلسات نقاشاتهم، فكيف الحال سيكون هذه المرّة وهم في آخر دورة لهم؟، لا شكَ أن سقف المُطالبات سيكون عاليّاً هذه المرّة على كُلّ المستويات خاصة في الموازنة ومساءلة الحُكومة عن كُلّ صغيرة وكبيرة.
للأسف الموازنة كانت على الدوام محلّ تجاوزات من السلطتين، والواقع كانت مجالس النوّاب تنتظر موسم الموازنة للضغط على الحكومة من كُلّ النواحي، وتقصير النوّاب في الموازنة لم يكن محصوراً فقط بالمطالبات التي ساهمت بالعجز، إنّما في الرقابة على أداء الحُكومة الاقتصاديّ الذي تتم ترجمته في قوانين الموازنة، فالموازنة التي تعرض عليهم بداية كُلّ عام ويشبعون الحكومة – أثناء مُناقشتهم لها- شتماً ونقداً سرعان ما يغيبون عنها ولا يقيّمونها بين الفترة والأخرى، وطيلة عام لا يرون ما هو الجديد في الاقتصاد الوطنيّ والتطورات التي طرأت على الموازنة إلا في نهاية العام عند إقرار الحسابات الختاميّة للدولة.
لا شك أن الرقابة كانت مفقودة على جميع المؤشرات الماليّة بدليل التطور السلبيّ السريع في العجوزات التي تضاعفت ثلاثة أمثال ما كانت عليه قبل عشر سنوات، والإخفاق كان جليّاً في ضبط نُمُوّ المديونيّة التي باتت في مستويات كبيرة وصلت إلى أكثر من 40 مليار دولار.
الفشل كان واضحاً للعيان في الفلتان العام الذي أصاب اِنفاق كثير من المؤسسات الرسميّة والشرذمة التي شهدها بعض القطاع العام الذي فرّخ مؤسسات خالف بعضها الدستور.
التجاوزات الماليّة وتنامي حالات الفساد في بعض المؤسسات، والتراجع في الأداء كان كُلّه أمام مرأى مجالس النوّاب المُختلفة التي تقاعس كثير منها عن تنفيذ أدنى مُتطلبات ومستلزمات عمله النيابيّ وهو الرقابة العامة.
الاختلالات التي شابت الموازنة العامة والتي أدت إلى إضعاف المشهد الاقتصاديّ كانت نِتاج عملية مشتركة بين السادة النوّاب والحُكومة، والاثنان يتحملان مسؤوليّة الفشل في الرقابة الاقتصاديّة، فهل يأخذ المجلس الحالي في دورته الأخيرة العِبرة مما حدث سابقاً في هذا الشأن خاصة وأن الاقتصاد أمام ظروف استثنائيّة للغاية أم يستمر في اِتباع نفس النهج السابق؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى