المفوض النسور : أدعو القيادات السياسية لتغليب مصلحة لبنان على اي مصلحة الحزبية

اولويات المفوضية السامية لحقوق الإنسان منع التمييز ومكافحة خطاب الكراهية وتوفير منصات للحوار

إسواليف اعتبر القائم بأعمال الممثل الإقليمي لمكتب #المفوض_السامي لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال افريقيا محمد علي #نسور، أن “من أولويات المفوضية منع التمييز وتوفير منصات للحوار والدفع بحقوق الإنسان ومكافحة خطاب الكراهية الذي انتشر بشكل كبير في السنوات الأخيرة و بدور الشباب في التصدي له”.

ولفت الى المساحة التي “يعطيها #لبنان لمناقشة هكذا مواضيع وهي مساحة غير موجودة في دولة أخرى.”
ورأى أن “العمل في مجال حقوق الإنسان ليس سهلا في المنطقة العربية، فالفجوة تكمن في ما تعلنه الدول على المنابر الدولية، وما ينفذ على المستوى الوطني”، داعيا لبنان الى “العودة السريعة الى التوافق السياسي،” آملا من “القيادات السياسية أن تغلب مصلحة الشعب اللبناني على أي مصلحة حزبية.”

كلام نسور، جاء في حديث الى “الوكالة الوطنية للإعلام”، ضمن فعاليات المنتدى الأقليمي حول “دور الشباب والشابات والقيادات والجهات الفاعلة الدينية من أجل قيام مجتمعات سلمية وسليمة”، الذي نظمه المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال افريقيا في مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في فندق “الموفنبيك”، والذي ناقش على مدى ثلاثة أيام مكافحة خطاب الكراهية في منطقة الشرق الأوسط والتصدي له والتوعية حول أثاره بمشاركة عدد كبير من الفاعلين في هذا المجال.

وتطرق نسور الى خطاب الكراهية وقال: “لا يوجد تحديد محدد قانوني لخطاب الكراهية لكن بشكل عام وموسع، هو أي خطاب يهدف الى الانتقاص من كرامة أي شخص أو جهة أو عرق أو ديانة أو طائفة، وبالتالي هو الخطاب الذي يستهدف التقليل من قيمة الأشخاص أو الفئات الأخرى. وهو انتشر في المنطقة العربية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ومع انتشار وسائل التواصل الإجتماعي وتطور وسائل الإتصال، أصبح هذا الخطاب متوسعا وصفة من صفات المنطقة للأسف الشديد، وهو خطاب إلغاء الآخر، والخطاب الطائفي والتعامل مع الناس وفقا لخلفياتهم العرقية أو الدينية أو الثقافية وحتى وفقا للون”.

أضاف: “يزيد خطاب الكراهية في وقت الأزمات، فعندما يخرج الشباب للمطالبة بحقوقهم، نرى فجأة خطابا طائفيا لدى بعض السياسيين خطاب كراهية، بهدف تشتيت الرأي العام عن الهوية الجامعة الى هوية فرعية، وهذا ظهر في عدد من دول المنطقة، لذا نرى بأن الشباب عامل رئيسي لمكافحة خطاب الكراهية.”

وعن معنى إقامة المؤتمر في بيروت، أوضح أن “بيروت هي مقر المكتب الإقليمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ونحن نفخر بوجودنا في لبنان، ولا شك بأن المساحة التي يعطيها لبنان لنقاش مثل هكذا مواضيع مساحة غير موجودة في دولة أخرى، بسبب وجود ١٨ طائفة دينية فيه معترف بها.”
واعتبر أن “خطاب الكراهية متعدد الأنماط، وليس فقط للأديان بل هو للجنس والجندر والعرق واللون، والمساحة التي توفرها الدولة المضيفة وحرية التعبير والرأي الموجودة في لبنان عامل مهم، بالإضافة الى التوقيت، وما يشهده لبنان والمنطقة العربية من أزمات إقتصادية وسياسية وإجتماعية وضرورة أن نعطي الشباب الذين يشكلون نسبة ٨٠ بالمئة من المنطقة العربية بحسب التقارير الأمم المتحدة، منصة لمناقشة هكذا مواضيع وهذه إحدى أسباب وجودنا هنا.”

ورأى ردا على سؤال أن “منطقة الشرق الأوسط لسيت بيئة ملائمة للعمل في مجال حقوق الإنسان، وقال: “من أصعب المهمات العمل في حقوق الإنسان في المنطقة العربية للأسف، نظرا لما شهدته المنطقة في السنوات العشر الأخيرة، وما يسمى بالربيع العربي وإرهصاته، فوجود أزمات وصراعات مسلحة في عدد من الدول العربية، في سوريا، اليمن، ليبيا، العراق وحتى في فلسطين، يجعل الدفع في حقوق الإنسان وأجندة حقوق الإنسان في الوطن العربي أمرصعب جدا، أضف لذلك أن مسألة مكافحة الإرهاب واستخدام مكافحة الإرهاب للتضييق على الحريات، وظهور داعش في مرحلة ما والخطاب الطائفي الذي شاهدناه في الوطن العربي، جعل العمل في مجال حقوق الإنسان صعب جدا. ونحن نركز على أن التذرع بالثقافة والخصوصية الدينية للوطن العربي، لا تعفي الأنظمة والدول العربية من الدفع في اتجاه أجندة حقوق الإنسان، ففي ثقافتنا وديانتنا حريات، وإنفتاح، وتسامح، وتناغم مع مختلف الأديان والأجناس، وبالتالي هناك تحديات كبرى، وأولوياتنا كمفوضية سامية هي منع التمييز والمساواة بين الجنسين في المنطقة العربية وتوفير منصات للشباب للحوار والدفع بحقوق الإنسان وخصوصا الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية مثل حق التجمع وحرية التعبير وغيرها، فالعمل ليس سهلا وهو نوع من التحدي، ورغم التحدي هناك انجازات”.

وعن كيفية معالجة التحديات وعلى أي مستوى يتم العمل مع القيادات الدينية أو السياسية أو القانونية ومع الدول، قال: “لا مقاس واحد، لكل دولة خصوصيتها، ولكل دولة نوع من التعاطي مختلف عن الأخرى، نحن نتكلم مع كل الجهات، نتكلم مع الحكومات كونها الجهات المختصة للمصادقة على المعاهدات الدولية، مع البرلمانيين لأنهم يهتمون بالتشريعات، مع قوات إنفاذ القانون من جيش وأمن عام ودرك، ومع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومع المجتمع المدني، وبالتالي انفتاحنا هو على كل هذه الفئات، وكل فئة من هذه الفئات لها دورها، للبرلمانيين أدوار مختلفة عن الشباب، وللحكومات أيضا أدوار وطريقة تعاطي مختلفة. هناك نوع من التحدي، فلكل منطقة داخل المنطقة العربية خصوصيتها، منطقة الخليج لها خصوصية ولها مشاكلها المشتركة، وشمال افريقيا لها بعض خصوصيتها ومنطقة الشرق الأوسط أيضا، ليست كل الدول العربية على نفس المساواة عندما نتحدث عن تحديات حقوق الإنسان وأيضا كيفية تعاطي المفوضية مع هذه التحديات.”

وعن كيفية تفادي المفوضية السامية لحقوق الإنسان التصادم مع الموروثات الدينية خلال عملها، قال: “يستخدم البعض وللأسف الخطاب الديني للتذرع بعدم تنفيذ التزامات حقوق الانسان، ولكن ايماننا مطلق أن الأديان تتضمن حقوق الإنسان ومنها الأديان السماوية الثلاثة، فالأديان كلها تتكلم عن حقوق الإنسان، عن إحترام الغير، عن الأخلاق وعن حرية الرأي والتعبير. ولا نعتقد بأن هناك تصادما بين الثقافة والموروث الديني وحقوق الانسان، وإذا كان هذا الكلام موجودا، فليس مع كل أنواع الحقوق، فهناك أساسيات في حقوق الإنسان لا يجب إن نختلف عليها، ولكن هناك معضلة في العالم عربي توسم حقوق الإنسان بالوسم الشرير، وهذا مضاد للدين للتذرع بعدم تنفيذه، وهذا ما نراه، ولكن بهمة الشباب وحملات التوعية نحاول ان نوضح الأمر.”
أضاف: “نحن لا نتكلم عن التزامات ابتدعناها، إن الدول الأعضاء صادقت على المعاهدات الدولية واتفقت أن تنفذها ونحن فقط نتابع هذا التنفيذ”.

وعن الدول الأكثر تعاونا في المنطقة، قال: “الأمور ليست في مقياس التعاون، كل الدول تتعاون مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الانسان، الفجوة هي ما بين الالتزام الدولي، أي ما تعلنه الدول على المنابر الدولية، وما ينفذ على المستوى الوطني، بمعنى أن المعاهدات الدولية التي صادقت عليها أغلب الدول العربية لم يجر ترجمتها الى تشريعات وطنية، فالقاضي الوطني ليس لديه نص ينفذه. وأنا كمحام اذا أردت أن اتذرع باتفاق المرأة على سبيل المثال في قضية طلاق، لا أستطيع أن أقدم هذه الحجة أمام القاضي لأنه غير معمول به. نحن نعمل على هذا الأساس وعلى ترجمة الالتزامات الدولية على صعيد التشريعات الوطنية.”

وعن كيفية مكافحة خطاب الكراهية على شبكات التواصل الاجتماعي، قال: “نحن ننسق مع الشركات الكبرى التي تقدم خدمات التواصل الاجتماعي، سواء الفيسبوك، تويتر وانستغرام. وهناك نقاش حول تطبيق معايير حقوق الإنسان على المحتوى، وهناك تعاون وثيق بيننا، فعلى سبيل المثال تتواصل فايسبوك معنا للإستشارة ما اذا كان المحتوى يشكل انتهاكا لحقوق الانسان وخطاب كراهية. أما الوسيلة الثانية فهي التوعية، ونحن نحاول ان نقول ما هي الكراهية، وما هي حرية الفكر والتعبير وبالتالي هناك خيط رفيع بين حرية التعبير وخطاب الكراهية.”

وأشار الى أن “هناك بعض القوانين باتت تصنف ما يتحدث الناس عنه من فساد على وسائل التواصل بأنه خطاب كراهية بهدف قمع الناس من التعبير عن رأيها، رغم ان القانون الدولي يقول بأن أي شخص في منصب عام أو سياسي عليه ان يتحمل قدرا أكبر من النقد من الشخص العادي، وبالتالي نحن نستغرب عندما ينتقد في بعض الدول العربية رئيس وزراء في أدائه أن يصنف هذا الإنتقاد كخطاب كراهية، فالطريق ليس سهلا وللأسف”.

وختم نسور متمنيا أن “يعود لبنان كسابق عهده سويسرا الشرق، آملا بالعودة السريعة الى التوافق السياسي، فالأوضاع الاقتصادية صعبة، فما يحصل مؤلم بالمقارنة مع السنوات الماضية، ونأمل ان نشهد حلولا سريعة، فلا حل سياسي من دون حل اقتصادي، ولا حل اقتصادي من دون حل سياسي وهناك ترابط بين الحلول، ونأمل من القيادات السياسية أن تغلب مصلحة الشعب اللبناني بالدرجة الأولى على أي مصلحة حزبية”.

نقلاً الوكالة الوطنية للاعلام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى