المستوطنون يستبيحون الأقصى

#سواليف

بعد أن كانت الأنظار موجهة على “ #مسيرة_الأعلام” التي من المتوقع أن تنطلق بعد ظهر الأحد، قام #المستوطنون صباحا بتحويل كافة الأنظار إليهم، حيث جعلوا من اقتحامهم الحدث الأبرز، حتى اللحظة، عبر ممارسة حالة من الاستباحة شبه الكاملة للمسجد الأقصى نفذها ما يقرب من 1044 مستوطنا اقتحموا الأقصى على شكل مجموعات.

ومنذ الساعة السابعة صباحا وحتى ما بعد الساعة الحادية عشرة قبل الظهر قام مئات المستوطنين وبحماية شرطية والقوات الخاصة المعززة بالأسلحة والعصي وغاز الفلفل وقنابل الغاز بممارسة كل ما من شأنه أن يعلن عن تغيير الواقع التاريخي القائم في المسجد الأقصى.

وأظهرت الصور والفيديوهات وشهادات المرابطين وحراس الأقصى قيام عشرات المستوطنين بأكبر أداء لما يسمى “السجود الملحمي”، كما أنهم صلوا وغنوا ورقصوا في ساحات #المسجد #الأقصى، ورفعوا الأعلام، وهو الأمر الذي يحدث لأول مرة.

كما قام عشرات المستوطنين بشتم #العرب و #المسلمين والنبي محمد وقاموا بالبصاق على #المرابطين بوجود الشرطة الاحتلالية التي وفرت حماية كاملة لهم ومن دون أدنى تدخل.

واحتشد مئات المستوطنين المتطرفين أمام منطقة باب المغاربة الذي يفضي إلى تنفيذ الاقتحامات الصباحية، وشارك في أحداث الاقتحام الصباحي عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير الذي وثقته الكاميرات يصرخ قائلا: “شعب إسرائيل حي” خلال اقتحامه للمسجد فيما رد المرابطون بالتكبير.

وكتب بن غفير على حسابه في تويتر: “اقتحمت هذا الصباح المسجد الأقصى في يوم القدس، لن نستسلم لتهديدات المنظمات “الإرهابية”، نحن أصحاب المكان”.

ولوحظ أن أبرز الرقصات الاستفزازية التي نفذها المستوطنون جاءت متزامنة مع خروج عضو الكنيست “بن غفير” عقب اقتحامه الأقصى بحراسة مشددة من قوات الاحتلال.

وبدأ الاقتحام الاحتلالي بعد صلاة الفجر مباشرة من أجل تأمين المسجد القبلي من المعتكفين، رغم كم القيود والحواجز التي فرضت خلال صلاة الفجر، وتمكن مئات المصلين من البقاء داخل المسجد منفذين اعتكافهم من أجل التصدي لاقتحام المستوطنين المتطرفين.

وصلى مئات الشبان صلاة الفجر خارج المسجد الأقصى وتحديدا عند باب الأسباط وحطة والغوانمة بعد أن منعتهم قوات الاحتلال من الدخول.

وتحصن عشرات المعتكفين الشبان في المسجد القبلي حيث قامت قوات الاحتلال بإغلاق الأبواب عليهم بالجنازير لمنعهم من التصدي للمستوطنين ودارت مواجهات بينهم وبين شرطة الاحتلال.

ونفذت جماعات من المرابطين صلاة الضحى أمام المسجد القبلي كنوع من التصدي لاقتحام المستوطنين.

وبحسب مشاركين بالصلاة فقد كانت صلاة طويلة كادت تصل الضحى بالظهر.

فيما انتشرت عشرات المرابطات والمرابطين في ساحات الأقصى وعملوا على التكبير والهتاف واشتبكوا مع المستوطنين عند مغادرتهم الأقصى وهو ما دفع بالشرطة الاحتلالية إلى العمل على قمعهم وتفريقهم.

بدوره قال مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني إنه ينظر بعين الخطورة الكبيرة لكل الممارسات الخاصة بالمستوطنين صباح الأحد، من صلاة تلمودية ورقص وأغان وبرعاية من الشرطة والقوات الخاصة.

وأضاف الشيخ الكسواني: “يحاول الاحتلال فرض بداية مرحلة جديدة في المسجد الأقصى عبر انتهاك حرمته”.

ووجه بدوره نداء قائلا: “على الأمة الإسلامية أن تتحمل مسؤوليتها العقدية” فيما يبدو أنه تصريح يشير إلى عجز الجهات الرسمية والسياسية عن القيام بواجبها نحو الأقصى.

وشدد على أن كل ما تعرض له المسجد هو فعل ضمن برنامج مخطط بين الاحتلال وحكومته والمتطرفين، مبينا أن “ما جرى ليس من المتطرفين وحدهم إنما من الحكومة اليمينية التي تريد فرض مرحلة جديدة داخل الساحات والمسجد، وهي بذلك تضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية”.

ورأى نشطاء مقدسيون أن ما جرى الأحد هو الحدث الأصعب حتى اللحظة، حيث الرقصات والطقوس التلمودية في الساحات، معتبرين أن هذا أمر يحدث لأول مرة.

وأكد الباحث زياد ابحيص أن صورة قيام عشرات المستوطنين بالسجود الملحمي داخل ساحات الأقصى أمر يعتبر حدا فاصلا بين زمانين؛ زمان الاقتحام الصهيوني تحت مسمى الزيارة، وزمان أداء الطقوس والتعامل مع المسجد الأقصى بوصفه هيكلاً قائماً.

وتابع: “لم يحصل في تاريخ الأقصى منذ احتلاله أن شهد سجوداً ملحمياً بهذا الشكل أو العدد، هذه لحظة حقيقة يجب أن يتغير من بعدها الكثير، وإلا فالصور التالية ستكون للبوق والشمعدان والقربان!”.

وظهر بشكل مباشر ومتكرر عشرات المستوطنين يتراقصون خلال اقتحامهم للمسجد الأقصى ومن ثم يؤدي بعضهم طقس “السجود الملحمي” أمام المسجد القبلي تحت أعين الشرطة مستفيدين من قرار محكمة الاحتلال الأخير بالسماح به، رغم الادعاء بأن “المحكمة المركزية” ألغته.

وخرجت المرابطة المقدسية هنادي حلواني في فيديو مباشر على صفحتها على “الفيسبوك” وعرضت جانبا من الدمار والخراب الذي تعرض له المسجد القبلي وقالت إن الله سيسأل كل المسلمين حول ما قصروا في نصرة المسجد الأقصى.

واعتبر نشطاء مقدسيون أن ما جرى في الاقتحام يمكن أن يكون أخطر مما سيحدث في مسيرة الأعلام التي عادة ما يكون مسارها لمنطقة باب العمود، وهو ما رفع من درجة الاستفزاز والمواجهة للفلسطينيين.

وطالب خطيب الأقصى الشيخ عكرمة صبري كل الفلسطينيين بالعمل من أجل الوصول للأقصى بكل السبل. وطالب بحشد الجماهير وإعلان النفير للتصدي لاقتحامات المستوطنين الذين لا يجرؤون على اقتحام الأقصى دون حراسة مشددة من قوات الاحتلال.
محطة فارقة

وقال الكاتب والباحث في شؤون القدس مازن الجعبري، في حديث صحافي إن ما حدث يشير إلى أنه لم تعد هناك أي وصاية أو خطوط حمراء لدى الاحتلال. وأضاف أن الأحداث حزينة ومؤلمة حيث بدأت مسيرات المستوطنين المستفزة بمجموعات صغيرة في شوارع البلدة القديمة وأمام المسجد الأقصى المبارك، واستمرت حتى فجر الأحد.

وأوضح أن الأحد هو محطة فارقة في إصرار الاحتلال على القهر والهيمنة ويقابله تصميم من الفلسطينيين على التحدي والمواجهة. حيث قام الشبان برفع العلم الفلسطيني في الأحياء الفلسطينية لإبراز الهوية الفلسطينية الجامعة، وحتى نهاية اليوم سيكون المشهد ملحميًا في رواية شعب لم يتوقف عن المقاومة.

ولم تتوقف مظاهر عربدة المستوطنين على تأدية الصلوات في ساحات الأقصى بل امتد الأمر إلى تأدية صلوات جماعية تلمودية أمام باب القطانين، أحد أبواب المسجد الأقصى. كما نفذوا حفلات غناء في شوارع البلدة القديمة بالقدس.

وحسب المحلل في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور فإن تعمد المستوطنين ارتكاب كل الاستفزازات الممكنة أثناء اقتحاماتهم من شتم، وهتافات عنصرية، ورفع أعلام، وتأدية طقوس تلمودية إنما يقدم نموذجا مصغرا عن مسيرة الأعلام. وتابع: “هذا السلوك يقلل من هامش الاحتواء في حال وجدت هذه الجهود”.

وأضاف: “إننا أمام مسيرة استفزازية تتخللها دعوات لقتل العرب والهدف منها إشعال الحروب من جماعات متطرفة، أما نفتالي بينت، رئيس الوزراء، الرافض لأي عملية سياسية فهو أضعف من أن يقف في وجه اليمين، وهو من سيتحمل المسؤولية”.
لعب بالنار بلا مسؤولية

بدوره، قال المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة إن “إسرائيل تلعب بالنار بلا مسؤولية وبتهور شديد من خلال السماح للمستوطنين بتدنيس المقدسات في القدس المحتلة وتصعيد عمليات القتل”. وقال في حديث لإذاعة “صوت فلسطين” الأحد إن إسرائيل تستهتر بالمجتمع الدولي، ولا تحترم قرارات الشرعية الدولية، وتعتبر نفسها فوق القانون، مطالباً المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بتحمل مسؤولياتها، تجاه ما يجري وعدم التعامل بازدواجية.

وأوضح أن كافة إجراءات الاحتلال في القدس المحتلة تتناقض مع قرارات مجلس الأمن الذي يعتبر القدس ضمن الأراضي المحتلة عام 1967، مؤكداً أن إسرائيل أصبحت دولة معزولة في العالم جراء جرائمها، وعدم التزامها بالقرارات الدولية.

وشدد أبو ردينة على أن طريق الأمن والسلام في المنطقة يمر من خلال تلبية حقوق شعبنا، مؤكدا أن المقدسات الإسلامية والمسيحية خط أحمر، لا يمكن أبدا القبول بتدنيسها.

وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين الاقتحامات الاستفزازية المكثفة التي يقوم بها المتطرفون للمسجد الأقصى المبارك. واعتبرت في بيان صحافي، عملية إقدام المقتحمين على أداء صلوات تلمودية أثناء سيرهم في باحات الأقصى، بما يكشف مجددا تورط دولة الاحتلال في هذه الاقتحامات والصلوات والسماح بها كتغيير حاسم في الوضع القائم في الأقصى، وبما يكذب ادعاءات المستوى السياسي الإسرائيلي بشأن حرصه على الوضع القائم وعدم تغييره.

وحملت الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الاقتحامات والصلوات التلمودية في باحات الأقصى ونتائجها على ساحة الصراع، وتداعياتها على المنطقة برمتها، خاصة من حيث اعتبارها دعوة إسرائيلية رسمية صريحة إلى الصراع الديني، لإخفاء طابع الاحتلال للوجود الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة عامة وفي القدس بشكل خاص.

وأكدت أن الاقتحامات باطلة وغير شرعية ومفروضة بقوة الاحتلال ولا يمكن أن تصبح جزءا من الوضع القائم في الأقصى.

المصدر
القدس العربي
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى