” اللي بعده !!!” / د . محمد شواقفة

” اللي بعده !!!”

كما تقول العرب ” ما في دخان من غير نار “…… لكن ان نجد ان الدخان تعرض للتزوير فهذا سيجعل ايجاد النار شبه مستحيل….
رأينا صورا و فيديوهات لأشخاص لا نعرفهم و لأناس لم يسعفنا الحظ بالتعرف إليهم سابقا …. لنعرف من بعض المتابعين أن هؤلاء هم نخب البلد من المستثمرين و رجال الاعمال و اصحاب الحظوة و الريادة …. و يرافقهم شخصيات نعرفها جيدا و لا نحبها …. و ربما نكره بعضها و نمقتها …. لنكتشف فجأة انهم اختلفوا مع بعضهم في ليلة غاب فيها القمر و انكشفت بعض من نشاطاتهم المشبوهة و صارت سيرتهم على كل لسان و في كل صفحة ….
أنا كغيري ممن رأى و سمع و عايش عديدا من هذه السيناريوهات … عبر تاريخ دولتنا المعاصر و عدد لا استطيع تحديده من الوزراء و رؤساء الحكومات …. و ندرك بكل أسى و قهر بأن هذه القصة كالفقاعة … تكبر و تكبر و بعدها تنفجر في وجوهنا عن كذبة كبيرة سخيفة …. نفس القصص و الافلام السخيفة و بنفس الاخراج الهزيل …. و للاسف نفس النهايات …. فاسد يظهر و فاسد يغيب … و تبقى الصورة الجدارية في صدر المجلس يزينها اصحاب السعادة و العطوفة و المعالي بابتساماتهم الآسرة ….
هناك أكثر من مليون سبب لكي لا نثق بالحكومة و اجراءاتها و لا بنيتها لمحاربة الفساد و المفسدين …. نحن مواطنين و نعرف كيف ان الدولة لا تترك شاردة ولا واردة الا و تضبطها …. و يستطيع أحد ايقونات الافساد بالهروب تحت اعيننا و بدون ان يرف له جفن …. لكن لم يكن ذلك اكثر دراما من تهريب خالد شاهين و بلعنا تلك القصة رغما عن عقولنا …. و لم يقترب هذا الهروب من دراما تهريب الكردي لا من حيث الحبكة و لا التنفيذ …. و مع ذلك نعرف انه يدخل و يخرج بطاقية الاخفاء كل حين و مين ….. و بعيدا عن الهاربين … كلنا يرى و يسمع شركاؤه و رفقاؤه الذين سارعوا للتخلي عنه و طمس اي صورة او خبر او فيديو جمعهم به قبلا او بعدا و لا نسمع اي تحركات للتحدث معهم او استجوابهم او حتى سؤالهم عنه …. و غيرهم الكثيرون … مصنع الدخان ليس اول قضية فساد واضحة …. اراضي عجلون السياحية …. آبار جرش غير القانونية …. كهرباء مزارع المفرق …. ملفات التنفيعات و التعيينات و الاعفاءات و المعلوليات … الاعفاءات الضريبية … ملفات المشاريع الوهمية … خصخصة المطار و الفوسفات و العقبة و الملكية …. و القائمة تطول و تطول و تطول ….
كان أحدهم يسمع صرخة ألم تأتي من خلف ذلك الجدار البعيد … و عندما اقترب سمع صوتا من الجانب الآخر يقول : سبعمئة و ثلاثون ….. … افترسته نيران الفضول ليعرف ما الذي يجري … اقترب من كوة صغيرة في الجدار مستشرفا الجهة الأخرى محاولا معرفة ما يجري …. لم ير أي شئ …واذا بعصا تمتد و تفقأ عينه … ارتد صارخا من الألم … عندها سمع ذات الصوت يقول: سبعمئة و واحد و ثلاثون …. يتبعها بضحكة لئيمة.
حالتنا مع الحكومة و ملفات فسادها العديدة المتكررة … و نحن نصر على النظر من ذات الثقب المجهول و لا نرى اي شئ …

” دبوس على اللي بعده ! ”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى