سواليف
انتهت حصانة بشار الأسد وعائلته التي حكمت سوريا بقبضة حديدية منذ عام 1970.
أدرك الأسد، بعد الهجوم بصواريخ توماهوك الأميركية، أنَّ حياته قد تكون مهددة بالخطر من قبل الأميركيين، في الوقت الذي بدأ فيه المدعون العموميون في أوروبا بمصادرة ما قيمته عشرات ملايين الجنيهات من ممتلكات عمه رفعت الأسد.
وكان الأسد يشعر بالأمان في حربه، تحت حماية موسكو وطهران و”حزب الله”. ثم جاءت ضربة الرئيس ترامب التي لم تكن مجرد عقاب وإنما جاءت تحذيراً للأسد من أنَّ أية هجمة قادمة باستخدام الأسلحة الكيميائية سوف تجرُّ عليه مزيداً من التبعات.
ويبدو أنَّ ترامب الآن يفكر في تغيير النظام في دمشق، واستخدام الاغتيال لتحقيق مثل هذا التغيير المرجو أمر مطروح، وهو الأمر الذي لم يفكر فيه الرئيس أوباما قط.
لذا، فسوف تتغير حياة الأسد من الآن فصاعداً، للمرة الأولى بعد ست سنين من الصراع، لأنَّ مستشاريه سوف ينصحونه أن يعيش في مخبأ.
سوف يضطر رئيس النظام السوري، مثله في ذلك مثل أسامة بن لادن، وصدام حسين، وأبي بكر البغدادي، وكل زعيم إرهابي آخر على قائمة اغتيالات الولايات المتحدة، أن يبتعد عن عيون الأقمار الصناعية الأميركية، وأن يعيش تحت الأرض وأن يتجنب استخدام هاتفه النقال.
وربما تنتهي كذلك حرية عم الأسد، رفعت (79 عاماً)، والأخ الأصغر للديكتاتور الراحل حافظ الأسد، وأحد أعمدة النظام، بعد أن وافقت محكمة استئناف فرنسية على الاستيلاء على إمبراطورية ممتلكاته العقارية، وممتلكاته الأخرى.
ونتيجة لهذا القرار الفرنسي، أغارت الشرطة الإسبانية على ممتلكاته هناك، وجمدت ملكيتها. ويطارد قضاة التحقيق الفرنسيون رفعت الأسد، الذي يعيش في باريس ولندن، بتهم متعلقة بالفساد وغسيل الأموال.
زادت هذه الإجراءات من الضغوط على بريطانيا، حيث يقيم رفعت بعض الوقت في بيت أثري مبني على الطراز الجورجي في ماي فير، قيمته عشرة ملايين جنيه إسترليني.
ومُنع رفعت الأسد، المتهم بقيادة مذبحة حماة عام 1982 التي قتل فيها أكثر من ثلاثين ألفاً، من مغادرة فرنسا انتظاراً لنتيجة التحقيقات، باستثناء رحلات لبريطانيا لتلقي العلاج الطبي.
وكان كريس دويل، مدير المركز العربي البريطاني للتفاهم قد حث السلطات في لندن على الاستيلاء على ممتلكات رفعت الأسد في المملكة المتحدة. هذا البيت الذي يقيم فيه رفعت الأسد في ماي فير، الكائن في نفس شارع السفارة المصرية، مملوك لشركة يديرها، مسجلة في جزر بريتيش فيرجن.
ويعيش ابن رفعت الأسد، رباط (41 عاماً) في بيت ذي 13 غرفة في الشارع ذاته، اشتراه عام 2014 بعد أن عرض في السوق بقيمة 17.5 مليون جنيه إسترليني. أما سوار الأسد (31 عاماً)، وهو ابن آخر لرفعت الأسد من إحدى زيجاته الأربعة، فقد سُجل في وثائق في لكسمبورغ بأنه يعيش في بيت ذي ثماني غرف، يشتمل على حمام سباحة داخلي، وملعب تنس، في أوكسشوت سوراي. عرض هذا البيت للبيع الصيف الماضي بقيمة 4.5 مليون جنيه إسترليني.
وكان سوار الأسد هذا مديراً لقناة العالمية التي تتخذ من لندن مقراً لها، والتي انهارت عام 2015 لتجعله مديناً بـ 4.8 مليون جنيه إسترليني.
أصدر رفعت الأسد، وعائلته الممتدة، بياناً قالوا فيه إنهم “لم يستفيدوا قط من التمويل بأية طريقة تضر بالدولة السورية والشعب السوري”. وشككت العائلة في توقيت هذه “الإجراءات القضائية المنسقة” في فرنسا وإسبانيا “بعد 33 عاماً، في وقت تعاني فيه بلادهم أكثر من أي وقت مضى، وفي الوقت الذي ينبغي فيه لصوت رفعت الأسد أن يسمع للمساهمة في إيجاد حل سلمي للصراع السوري”.
وكان حافظ الأسد قد نفى أخاه رفعت الأسد في منتصف الثمانينيات بعد أن قاد انقلاباً فاشلاً. استقر رفعت أول الأمر في باريس، حيث حاز على وسام جوقة الشرف من الرئيس ميتران عام 1986. وقد انحاز رفعت مؤخراً مع المعارضة السورية في مسعاها لقلب النظام.
وتقول العائلة إنَّها “تحصلت على ممتلكاتها بشكل قانوني على هيئة هدايا من سعوديين أثرياء” حسب زعمها.
وقال المدعون العموميون في إسبانيا إنَّ امبراطورية العائلة، التي تمتد أيضاً إلى ليشتنشتاين ولكسمبورغ، تتكون من 503 من العقارات، تشمل فيلات، وشققاً، وتاون هاوسز.
وتركزت جهود الشرطة الإسبانية هذا الأسبوع على فيلا الأسد في منتجع بويرتو بانوس الأندلسي الفاخر. ويقدر المدعون العموميون الفرنسيون أنَّ ممتلكات رفعت الأسد في فرنسا تساوي 90 مليون يورو (77 مليون جنيه إسترليني).
وتشمل هذه الممتلكات قصراً ومزرعة لخيول السباق في فال دو إيس، شمال باريس، والعديد من المنازل على طراز “تاون هاوس” في أفخم أحياء العاصمة.
وكان التحقيق الفرنسي في تهم الفساد وغسيل الأموال قد بدأ العام الماضي بعد أن حقق القضاة في شكوى من مجموعة من النشطاء تدعى شربا.
وقال المحامي الذي يرأس مجموعة شربا، ويليام بوردون، بعد أن رفضت محكمة الاستئناف، الأسبوع الماضي، محاولة من رفعت الأسد لوقف الإجراءات، إنَّ القضية “تظهر أنه لا يزال بالإمكان أن يلتمس المرء العدالة لجرائم مالية كبيرة، بعد ثلاثين عاماً من ارتكابها”.
هافينغتون بوست عربي