القطط و اللحمة المسمومة!!! / د. ناصر نايف البزور

القطط و اللحمة المسمومة!!!

خلق الله البشر و سائر الحيوانات و غرس في هذه المخلوقات الكثير من الغرائز التي تدفعها دفعاً و تُحرّكها في كلِّ سلوك لها إقبالاً أو إحجاماً! و هذا هو مقتل أي مخلوق يتبع غرائزه؛ و هو الذي يجعل الصيّاد مهما كان ضعيف الجسد قادراً على صيد الأسد و التمساح و الفيل!
لكنَّ الله الذي خلقنا في عشرات و مئات من كُتل اللحم و العظم و هب البشر قُرابة الكيلوغرام من العقل؛ وجعل هذا العضو عند البعض ناظماً و ضابطاً و عند البعض الآخر خاملاً و تابعاً للغرائز!
و لتيسيط الموضوع دعونا نتخيّل فيما لو كان أحدنا يعيش في منطقة نائية تعجّ بالكلاب الضالة كحال معظم مدننا هذه الأيام؛ فقام بوضع قطعٍ من اللحم في الهواء الطلق و كتب بجانبها بكل اللغات المفهومة “لحم مسموم” لقتل الكلاب الضالة؛ عندها سيأتي أي كلب أو حتّى قط ليس له شأن بالموضوع وسيأكل اللحم و يموت لأنّه لم يكترث باللوحة المكتوبة!!! الله لا يردّه… 🙂 قد يفعلها الثاني أو الثالث لكنّ الآخرين سيتّعظون و سيبتعدون في النهاية عن اللحم إذا رأوا هلاك رفاق دربهم… 🙂
هذا هو حال الكثير من البشر و خصوصاً العرب…فهم لا يقرأون؛ و إذا قرأوا لا يفهمون؛ و إذا فهموا لا يفقهون؛ و إذا فقهوا لا يتّعظون… 🙁
شاء الله أن تكون أطروحتي في نيل درجة الدكتوراة منصبّة حول دراسة و تحليل النصوص و الخطاب و خصوصاً الساخر و الناقد منها… و هذه هي لعبتي المفضّلة حين أقرأ… و حين أكتب…بل و حين أتنفس….
و قبل أيّام كتبت منشوراً عبر صفحتي على الفيسبوك أنتقد فيه الارتفاع المحموم لفواتير الكهرباء؛ و كان النص مكتوباً بشكل ساخر و بسيط و كان المنشور يتضمّن صورة ل “صينية لحمة”!!!
و قد كنت قد قلت لطلبتي بعد إطلاق ذلك المنشور بخمس دقائق أنّ ردود الأفعال ستكون عنيفة “لأنّنا شعوب لا تجيد القراءة”!!! و بعد عودتي إلى المنزل انهالت عليّ التعليقات المهاجمة و المدافعة…
المدافعون كانوا ممن فهموا النص فساقهم عقلهم للدفاع أو ممن أحبّوني فساقتهم غريزتهم لذلك…و كذلك المنتقدون كانوا من الحاقدين أو الغرائزيين الذين لم يروا سوى صينية اللحمة أمامهم فانقضّوا عليها و نسوا اللوحة التحذيرية؛ وأطلقوا هتافاتهم: هذا حرام…أين احترام مشاعر الفقراء…. هذا بذخ… 🙁
هنيئاً لحكوماتنا؛ فهي تعرف تمام المعرفة طبيعة غرائزنا الجارفة ما ظهر منها و ما بطن؛ و تعرف أيضاً أنّ الكثير منّا قد أعطى عقله إجازة مفتوحة بلا راتب؛ بل لقد طلّقه البعض طلاقاً بائناً 🙁 فبات من السهولة بمكان على تلك الحكومات أن تقوم بتحريكنا بالرموت كنترول حتّى و لو كان الرموت دون بطاريّة فهي محترفة في تطبيق نظرية “القطط و صينية اللحمة” 🙂 و الله و اتلولحي يا دالية….بلادي والله غالية…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى