القانون الخامس عشر … قانون التغيير

القانون الخامس عشرقانون التغيير

أنس معابرة

يحكى أنه في أحد البلدان، كان هناك ملكاً حكيماً أراد أن يختبر #سلوك شعبه، فأمر أحد حراسه بوضع صخرة كبيرة وثقيلة في وسط أحد أكبر الطرق الرئيسية في المدينة، وكلف حارس آخر أن يراقب ردود أفعال المارين سراً دون أن يلاحظه أحد.

مرت الأيام ومر العديد من الأشخاص من الطريق، إنزعجوا كثيراً من مكان الصخرة، وأخذوا يتذمرون قائلين: لماذا لا تهتم الحكومة بالطرق وتقوم بإزالة هذه الصخرة؟ لماذا لا يهتم المسؤولون بنا؟ ولماذا تركوا هذه الصخرة تؤذينا وسط الطريق؟ ولكن لم يحاول أيُّ شخص رفعها أو إزاحتها من مكانها، وإكتفوا فقط بالتذمر والشكوى.

حتى جاء رجل؛ فشاهد الصخرة وقام ببساطة ببذل بعض المجهود البسيط لإزاحتها من مكانها، ووضعها في جانب الطريق حتى لا تؤذي المارة، وبمجرد أن أزاحها؛ وجد أسفلها قطعة ضخمة من الذهب ومعها ورقة مكتوب عليها: “هذا الذهب يقدمه الملك هدية لمن يهتم بإزاحة #الصخرة”.

لم يكتفِ هذا الشخص بالتذمر والشكوى كغيره، بل عمل على #تغيير الحال، وأزاح الصخرة من الطريق. نحن اليوم بحاجة الى التوقف عن الشكوى وإلقاء اللوم على الآخرين، وتحميلهم سبب فشلنا وإخفاقنا، نحن بحاجة الى إزاحة الصخور من طريقنا، ومن طريق الآخرين أيضاً.

لقد تناولتُ حتى الآن أربعة عشر قانوناً من #قوانين #السعادة، بعضها يتعلق بالصحة والمال، وأخرى تتعلق بالتواصل والعلاقات الإجتماعية، وفي هذا القانون سنتحدث عن أب القوانين السابقة كلها، والذي من دونه لن يكون لتلك القوانين أي تأثير على حياتنا؛ إنه قانون التغيير.

تحتوي الكثير من كتب تطوير الذات والتنمية البشرية، ودورات التحفيز الإيجابي؛ على معلومات ضرورية لتحقيق السعادة، وهذا البحث هو جزء منها، مع حرصي الشديد على أن تكون المعلومات والتوجيهات في هذا البحث قابلة للتطبيق العملي في حياتنا بسهولة، وألا تبقى حبيسة الورق، ولكن إن بقيت تلك الكلمات حبر على الورق، ولم تدخل الى حيز التطبيق في حياتنا، فلن يكون لها قيمة، ولن تتطور حياتك نحو الأفضل.

إن سعيك لتطوير حياتك والإرتقاء بها نحو السعادة؛ مقرون بشكل مباشر في قدرتك على إتخاذ خطوات حقيقية نحو الهدف، فلن تتحقق سعادتك وأنت تعلم ضرورة إتباع حمية غذائية وممارسة الرياضة لإنقاص وزنك؛ وأنت جالس في مكانك دون وضع برنامج لذلك، ولن تتمكن من إدارة مواردك المالية بنجاح، إذا بقيت أفكار إدارة المال حبيسة في دماغك، ولن يتحسن أسلوب تواصلك مع الناس إن ضربت بإتيكيت التواصل عرض الحائط.

فلا بد من البدء في وضع الخطط المناسبة لتغيير روتين حياتنا، والشروع بتغيير واقعنا نحو الأفضل، وتطبيق النصائح الواردة في هذا الكتاب أو غيره من كتب تطوير الذات.

والتغيير هو أن تسعى الى تحسين القدرات والمؤهلات والإمكانيات الشخصية؛ مثل تحسين القدرات العقلية، وتحسين مهارات التواصل مثل الإنصات وفهم لغة الآخرين، وتحسين مهارة التعامل مع الذات، وإستغلال القدرات الكامنة في النفس البشرية وتسخيرها لما فيه الخير لها، وللمجتمع الذي تعيش فيه.

والتغيير هو سنة كونية كذلك، ولن يتغير حالك إلا إذا قمت بتغيير نفسك من الداخل، ومصداق ذلك قول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم} [الرعد، 11].

  • أنواع التغيير

التغيير نوعان؛ إيجابيّ وسلبي، فالأول هو حالة مزاجية إيجابية تنقلها عن نفسك للآخرين، وتعكس الطريقة التي تنظر فيها للعالم من حولك، وهو الطريقة التي تفكر بها وتنعكس إيجاباً على تصرفاتك تجاه الأشخاص والأحداث، وهو تفسير الأحداث والأشياء بطريقة يغلب عليها الجانب الجيد وإغفال الجانب السيئ أو التغافل عنه، وهو ذلك التفكير الذي يرتقي بالفرد ويساعده على إستثمار عقله ومشاعره وسلوكه وإكتشاف قدراته الكامنة وتغير حياته نحو الأفضل، وهو ما ندعو اليه في هذا الكتاب.

أما التغيير السلبي؛ فهو البحث في السلبيات التي حدثت في الماضي، والقلق والخوف من المستقبل، والعيش في الحاضر بأحاسيس وإعتقادات سلبية تجعل الحياة سلسلة من المشكلات والمصاعب.

  • #الخوف من التغيير

يخشى الناس تغيير عاداتهم التي نشأوا عليها، ويعتبرون ذلك نوع من أنواع المغامرة، ويفضلون البقاء في الواقع المؤلم المرير، وتحت وقع المعاناة، على التوجه نحو المستقبل المظلم على حد تعبيرهم.

نحن نعيش اليوم في عالم دائم التغير، ويحدث التغيير بسرعة أكبر من أي وقت مضى في العصر الحالي، وعلى الرغم من هذه الحقيقة، فإن هناك الكثير من الناس الذين يخشون ويخافون التغيير ويقاومون ذلك، بالتالي يفوتون الكثير من الفرص الواعدة التي تأتي في طريقهم المهني مثلاً، ويتعرضون لخطر الركود والبقاء عالقين في روتين الحياة اليومية.

 ربما لا يختار المرء التمسك بأشخاص معينين أو أنشطة معينة أو وظائف معينة، لكن يمكن أن يتجلى الخوف من التغيير بطرق غير واضحة، قد يكون لها تأثير هائل على حياة من لا يحب التغيير ويخاف منه، كما من المحتمل أن يؤثر خوفك من التغيير عليك أو على شخص تعرفه بشكل سلبي، ولأن التغيير مرتبط بالمجهول وبمخاطر معينة فمن الطبيعي أن يكون ممقوتاً من قبل الناس.

الوقت ليس هو العدو، بل الخوف من التغيير هو العدو، فلماذا نخاف التغيير؟ نخشى التغيير لأنه يعني أن النتائج غير معروفة، وعندما لا نعرف ما الذي سيحدث وما هي العواقب والمخاطر، فإننا نصنع سيناريوهات تخلق بدورها القلق، ولهذا يجد البشر صعوبة في المضي قدماً عندما ينتهي شيء يعرفونه، كما أن الخوف من الفشل يلعب دوراً لتأسيس الخوف من التغيير، وإذا كنت لا تعرف النتائج، فإنك ستختار ألا تحاول التغيير من الأساس.

وأثبت علم الأعصاب أن عدم اليقين يشبه الفشل في أدمغتنا، لهذا السبب يفضل الكثير من الناس تجنب التغيير بسبب عدم الارتياح للمشاعر المرتبطة به، وعلى الرغم أنه من الطبيعي الشعور بالخوف من التغيير، لكن بعض الأشخاص يتعاملون معه كشيء خطير، ويتجنبوه كأن بإمكانه أن يسبب حالة شلل وجمود في القدرة على التفكير ومن الصعب التعايش معه.

من الممكن أن نلخص أسباب الخوف من التغيير بالنقاط التالية:

  • الخوف من المجهول
  • الخوف من الفشل
  • الشك وعدم اليقين بالنتائج المتوقعة
  • فوبيا التغيير المرضية.
  • فوائد التغيير

مما لا شك فيه أن التغيير سيساعدك على كسر حالة الجمود التي تعيشها، وسيتكفل بالقضاء على عادات سلبية كانت جزءاً من حياتك، وسيعمل بالمقابل على إتحافها بالعديد من العادات الإيجابية، ومن فوائد التغيير ما يلي:

  • المساعدة على التركيز.
  • تعلّم كل ما هو جديد.
  • ضمان تجدد الحياة.
  • تأمين الفرص والخبرات الجديدة.
  • تعريف الإنسان بقدراته وإمكانياته.
  • منح الإنسان فرصة لإعادة تقييم حياته.
  • زيادة مرونة الشخص.
  • تقوية الإنسان عاطفياً.
  • نصائح للتغيير الإيجابي

في النهاية؛ أجمل اليك مجموعة من الأساليب والخطوات البسيطة، والتي من الممكن أن تكون سبباً في إحداث تغيير إيجابي في حياتك:

  • عوّد نفسك المحافظة على بعض العادات الإيجابية كإلقاء السلام والتبسم في وجه الآخرين.
  • إغتنم فترة قيادتك للسيارة ذهاباً وإياباً في الإستماع لشيء مفيد، ككتاب صوتي، أو في أذكار الصباح، والمساء، والتسبيح، والذكر.
  • اجعل من ضمن برنامجك الأُسبوعي زيارة أحد الأقارب أو الأصدقاء أو الجيران للسلام والاطمئنان عليه.
  • مارس رياضة المشي أو الجري الخفيف لمدة عشر دقائق يومياً.
  • عوّد نفسك الجلوس مع والديك، أو مع أفراد أسرتك وتبادل الحديث الودي معهم ولو لوقتٍ قصيرٍ يومياً.
  • إحرص على التبكير في حضور مواعيدك خلال هذا الأسبوع، وستصبح عادة بعد ذلك.
  • جرِّب أن تنام مبكراً خلال هذا الأسبوع.
  • جرب ألاّ تزيد سرعة قيادتك للسيارة عن 80 كيلو متر في الساعة، وأن تحسن أخلاقك أثناء القيادة.
  • تلطَّف في كلامك مع إخوانك وأصدقائك وجيرانك وكل من هم حولك.
  • تصدق ولو بريالٍ واحدٍ يوميًا خلال هذا الأسبوع.
  • قم بتنظيف أسنانك ثلاث مرات في اليوم والليلة.
  • احرص على جمال المظهر والأناقة المعقولة والمقبولة في الملبس والمظهر والشكل العام.
  • تعوَّد على سماع وجهات نظر الآخرين وتقبُلها وإن كانت مُخالفة لوجهة نظرك الخاصة.
  • حاول تنظيم وقتك وأداء ما عليك من واجباتٍ في حينها دون تأخير.
  • ü     أعد ترتيب محتويات غرفتك أو مكتبك أو سيارتك حتى تبدو أكثر نظاماً.
  • حاول أن تزور مريضاً أسبوعياً، أو أن تتفقد دور رعاية المسنين.
  • ü     قم بتلبية الدعوات التي توجَّه لك، ولاسيما من الأهل والأقارب والجيران، وشارك في حضور المناسبات المختلفة التي تُدعى إليها.
  • حاول أن تقرأ عدة صفحات من كتابٍ مفيدٍ في اليوم الواحد، وإجعل للقرآن الكريم نصيباً من ذلك.
  • قلل عدد السجائر التي تُدخنها يومياً إن كنت ممن ابتلوا أنفسهم بالتدخين.

 خلاصة القانون

حياتك ملكك انت، توقف الآن عن التذمر الشكوى، وإلقاء اللوم على الآخرين، وتحميلهم سبب فشلك وإخفاقك، إبدأ بإزالة الصخور من طريقك، ولا تكتف بالمشاهدة فقط.

حرصتُ على أن تكون المعلومات والتوجيهات في هذا البحث قابلة للتطبيق العملي في حياتنا بسهولة، وألا تبقى حبيسة الورق، ولكن إن بقيتْ تلك الكلمات حبر على الورق، ولم تدخل الى حيز التطبيق في حياتك، فلن يكون لها قيمة، ولن تتطور حياتك نحو الأفضل.

سعيك لتطوير حياتك والإرتقاء بها نحو السعادة؛ مقرون بشكل مباشر في قدرتك على إتخاذ خطوات حقيقية نحو الهدف.

التغيير هو أن تسعى الى تحسين القدرات والمؤهلات والإمكانيات الشخصية؛ مثل تحسين القدرات العقلية، وتحسين مهارات التواصل مثل الإنصات وفهم لغة الآخرين، وتحسين مهارة التعامل مع الذات، وإستغلال القدرات الكامنة في النفس البشرية وتسخيرها لما فيه الخير لها، وللمجتمع الذي تعيش فيه.

التغيير نوعان؛ إيجابيّ وسلبي، الأول يقودك الى تحسين حياتك والإرتقاء بها، والثاني يدمرها، ويبعدك عن تحقيق أهدافك.

يخشى الناس التغيير بسبب خوفهم من الفشل، أو خوفهم من المجهول، أو نتيجة لشكهم في النتائج المتوقعة منه، أو لأسباب مرضيّة.

التغيير يساعدك على التركيز، ويعلّمك كل ما هو جديد، ويضمن لك تجدد الحياة والفرص والخبرات الجديدة، كما يعرفك بقدراتك وإمكانياتك، ويمنحك فرصة لإعادة تقييم حياتك، بالإضافة الى أنه يزيد مرونتك، ويقويك عاطفياً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى