أبناء العاملات ليسوا جميعا بعمر الحضانات / شروق جعفر طومار

أبناء العاملات ليسوا جميعا بعمر الحضانات
شروق جعفر طومار

مشكورة سمحت الحكومة للحضانات بفتح أبوابها لأبناء العاملات، ولكن يبدو أنه سقط من حسبانها أن الحضانات لا تستقبل إلا الأطفال ما دون الأربع سنوات.
حسناً إذن، أين يذهب أطفال الأمهات العاملات ممن تقع أعمارهم بين 5 – 12 سنة على الأقل؟ هل يتم تركهم وحيدين في البيوت؟ أم للشارع والمجهول؟
لست الوحيدة التي استهجنت القرارات الحكومية الأخيرة بخصوص فتح الحضانات وترك الأطفال ما فوق ذلك للمجهول، فآلاف الأمهات الأردنيات العاملات تساءلن: وماذا عن أطفالنا؟
أي تفكير منطقي بخصوص القرار الحكومي سيأخذنا باتجاه أن الحكومة استجابت لـ”النق” الشعبي ومنظمات المجتمع المدني، فاختارت أن ترضي هذا الطرف بخصوص الأطفال ما دون الرابعة، لكنها لم تنظر للأمور بشمولية وعدالةٍ لتفكرَ بمن هم أكبر من هذه السن والذين لا يمكن تركهم وحيدين في البيوت، أو أحرارا باتخاذ القرار بمكان تواجدهم وكيفية قضاء أوقاتهم.
هل فكر متخذّ القرار قليلا في المخاطر المتعددة التي ستحدق بأطفالنا جراء تركهم وحيدين في البيوت دون مرافقة البالغين؟ فبالإضافة للمخاطر المرتبطة بنواحي الأمان والسلامة والتي لا يمكن لأحد أن يجادل حولها، هناك مخاطر أخرى نفسية وتربوية ستلحق بهم جراء تركهم لهذا الوقت الطويل بغياب والديهم.
لن يكون أمام أطفالنا سوى قضاء ساعات طوال على شاشات الأيباد والأجهزة الإلكترونية والغرق في المحتويات غير الآمنة نفسيا وأخلاقيا التي تعج بها صفحات الإنترنت والتي سيكونون فريسة سهلة لها في ظل غياب رقابة الأهل أو على الأقل تواجدهم حول أطفالهم في ذات المكان، ناهيك طبعا عن الانعكاسات السلبية والخطيرة على نفسية الطفل جراء الشعور بالوحدة أو الخوف أو المسؤولية الفائقة عن قدرته في تدبر أموره أو رعاية أشقائه الأصغر سنا.
في الجانب الآخر من المشهد وفي ظل فتح أبواب الحضانات، هنالك عالم كامل ما زال معطلا، كالأندية الصيفية الطلابية والحدائق العامة وجميع المؤسسات التي تعنى بنشاطات الأطفال. والسؤال الذي لا بد أن يقفز إلى الواجهة هو: هل المخاطر المتأتية من فتح هذه القطاعات هي أكبر من تلك المتأتية من فتح الحضانات؟
ببساطة، لا يمكن أن يكون ذلك، فالحدائق مثلا فضاءات عامة مفتوحة وكبيرة والتباعد الجسدي فيها سهل التحقق، بينما أكبر حضانة لا تعدو أن تكون بضع غرف تضم عشرات الأطفال، وبذلك تكون إمكانية العدوى أكبر بكثير من تلك المتحصلة في الحدائق على سبيل المثال لا الحصر.
ثم إن الحكومة اشترطت على الحضانات لإعادة فتحها واستقبال الأطفال فيها مجموعة من الشروط الصارمة والتي يحتاج تنفيذها إلى فترة تمتد من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع وفق عدد من أصحاب الحضانات، وفي الوقت ذاته أصدر ديوان الخدمة المدنية تصريحا يفيد بعودة موظفي القطاع العام للعمل إلى المؤسسات بكامل طاقاتها مع نهاية الأسبوع الحالي، وتم استدعاء عدد من العاملات للعودة إلى مواقع العمل اعتبارا من اليوم.
فهل يعني ذلك أن تقوم الأمهات العاملات بالدفع بأطفالهن الرضع للحضانات قبل استكمال جاهزيتها؟ وماذا عن الأمهات اللواتي لا يستطعن وضع أبنائهن في الحضانات بسبب سنهم وكيف يمكن لهن التصرف عند استدعائهن للدوام الكامل في مواقع عملهن؟
لقد أدارت الحكومة الأزمة خلال هذا الوقت العصيب بحرفية عالية، فاستطاعت تجنيب الأردنيين كوارث عديدة سقط فيها كثير من الدول، لذلك يتوجب علينا أن نطالبها بمزيد من الحكمة؛ حين تقرر فتح القطاعات والعودة إلى العمل، فإما أن يستمر استثناء أمهات الأطفال الذين لا يتوفر من يقوم برعايتهم كالذين لا يدرجون في الحضانات، من العودة لمراكز عملهن، أو أن تعمد إلى فتح جميع القطاعات خصوصا تلك التي تستوعب الأعمار بين 6-12 عاما وأعني المراكز الثقافية والنوادي الصيفية وغيرها.
القرار الأخير «حفظت شيئا وغابت عنك أشياء»، وها نحن نذكر بهذه الأشياء التي يتوجب أن تكون في خلد الحكومة حين تنبري لتؤسس للعدالة وتتصدى لتمكين المرأة العاملة، ولا بأس في أن تعدّل الحكومة أي قرار يتضح بأن تطبيقه في هذه الفترة غير ممكن، بل إن قيامها بذلك سيصب في مصلحتها التي تتأتى من شعور المواطن بأنها تعمل لخدمته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ٤ ابناء سيكلفوني في حضانة اقل من عادية ٣٠٠ دينار وصافي الراتب ٣٨٠ هل يعقل هذا؟؟؟؟

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى