العلاقة الزوجية .. مقارنة بين المجتمعات الإسلامية والعلمانية

العلاقة الزوجية
مقارنة بين المجتمعات الإسلامية والعلمانية
بقلم: د. هاشم غرايبه
يتميز الدين بأن يعتبر الأسرة الوحدة البنائية الوحيدة للمجتمع، في حين أن المجتمعات التي تحيّد الدين تعتبر الفرد هو الأساس، الفارق الكبير هو في التعويل على دور منشئي الأسرة (الأب والأم معا)، فالدين يهتم بأسس تكوين الأسرة، وديمومتها، وبعوامل نجاح الشراكة التربوية، المؤدي الى تكوين الأفراد الجدد(الأبناء) على أسس سليمة لاستدامة دورة الحياة وتعاقب الأجيال.
لا يعني ذلك أن المجتمعات اللادينية تهمل دور الأسرة أو تعتبرها ثانوية، فهي أيضا تنظر إليها كمصدر أساسي لإنتاج الأجيال، لكن الفارق ينبع أساسا من النظرة الى العلاقة الجنسية بين الجنسين، فهي تعتبر ممارسة الجنس علاقة عابرة للمتعة وليست بهدف الإنجاب، فيكون الحرص على منع الحمل شديدا، لأن المولود سيلقى به الى بيوت الإيواء بسبب أن والدته ووالده ليسا مهيئين لرعايته ولا لتربيته.
لحماية الفتاة من من الإنزلاق الى ممارسة الجنس بقصد المتعة فقد خلق لها الله جهاز حماية وهو غشاء البكارة، وهو نسيج طلائي لكنه بخلاف تلك الأنسجة لا يمكن أن يتجدد إذا تمزق، لذلك نفهم أنه عنوان للعذرية التي هي شهادة بالتزام الفتاة بعدم التفريط بالأمانة التي كلفت بالمحافظة عليها لحين تهيوئها للقيام بدورها الأساسي وهو الزوجة – الأم، فالدين يحرم أية علاقة جنسية خارج إطار الزوجية، ومن وراء ذلك يبتغي حكمة بالغة، وهي أن المولود من حقه أن يجد بيئة طبيعية مستقرة مترابطة هي الأسرة.
المجتمعات اللادينية تعتبر أن ممارسة الجنس حرية شخصية وهو متاح ممارسته بلا قيود سواء للمتعة أو لكسب المال، ورغم الحكومات تدرك مخاطر الحمل المبكر للفتيات، وتبذل جهودا كبيرة لتعميم وسائل منع الحمل، إلا أن الظاهرة متفشية لدرجة تنذر بالخطورة على الأمان الإجتماعي، ففي دراسة نشرت في أوهايو الأمريكية أن نسب الطالبات في مدرسة Timken Senior High الحوامل في سن السادسة عشرة بلغ 13 %، مما دعا الحكومة الى تخصيص 32 مليون دولار لدعم برامج تشجيع العذرية.
القيم الليبرالية الحديثة تعترف بزواج المثليين، وهذا ما دعا مؤتمر السكان العالمي المنعقد في القاهرة عام 1994 الى تعديل تعريف الأسرة لتصبح: الإرتباط بين شخصين، وليس بالضرورة رجل وامرأة، وبطبيعة الحال فلن يكون هنالك إنجاب ولا أبوة ولا أمومة، نتيجة هذه العلاقة إن كان الشخصان من جنس واحد، بل مجرد قوننة لممارسة الشذوذ الجنسي، إذاً فليست هنالك أسرة متكونة، ولا معنى لهذا الارتباط غير المتعة الرخيصة.
نتيجة لقوانين “سيداو” فقد غُيّرت العلاقة بين الزوجين بحجة المساواة، فلم يعد دور الأم الطبيعي ملزما للمرأة، ولها لحرية الكاملة برفض الإنجاب والرضاعة والأمومة وتربية الأطفال، كما أنها ليست ملزمة بالقيام بالأعمال المنزلية.
النظام الإسلامي يعتمد المساواة بين الرجل والمرأة بمنطق الحقوق والواجبات والمساواة في التكليف، لكنه في العلاقة الأسرية يعتمد توزيع المسؤوليات وتكامل الأدوار، وهذا أمر يتطلبه الفارق الفيزيولوجي بين الذكر والأنثى، فلا يمكن أن يقوم الإثنان بالدور نفسه، فللأم دور لا يمكن أن يستبدل بالأب وكذلك العكس.
الحلول الإسلامية لكل القضايا هي الأنجح دائما،وهي متوافقة مع الفطرة، وأما الحلول اللادينية فهي تتوافق مع الرغبات والأهواء، ومهما تطورت المجتمعات وتغيرت ظروفها فلا يوجد بديل للأسرة الطبيعية بمفهومها الأصيل لإنتاج الأجيال الجديدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى