العشق في زمن الحروب

العشق في زمن الحروب
د.ظاهر محمد الزواهرة

في الليل كل قصائد الشعراء حبلى،وكل السفن القريبة من بلاد الروم تغص بالسم،وفوقها كل الغزاة،يحملون خناجر الحقد الدفين،ولا يهمهم وجع المساكين،والمستضعفين في بلاد العرب،وتمضي البوارج حاملات الطائرات،فآه يا وجع السنين،وألف آه تنادي بها أم طفل رضيع،ضاع بين ركام البيوت الساجدة،وأطلال الدمار،هنا دمية الطفل،وهنا كأس الحليب الذي لم يشربه،والذي بقدرة قادر غدا كأس موت ودماء،وهناك دفاتره الكثيرة،والقلم الحزين،ما عاد يحمله الصبي العائد إلى الموت ،وما كان ينساه الموت اللعين،لا تفتحوا حقيبته،ولا تنظروا إلى دفتر رسمه،فأحلامه أكبر من حقدهم،وأما الأماني فلا تسل،قد سافرت إلى آوراس ،وصعدت قبل روحه إلى عمق السماء،ومن الذي في بلاد أمتنا يحيا من غير آه أو أنين؟
في الليل ترسم عاشقة قلب حب أحمر كدمه،وتخون ثقة فارس وتعلل قسوتها وكلامتها الموجعة بفهم على غير المراد،وكم هم الخائنون!
وإني كما قال ابن العراق لأعجب كيف يخون إنسان بلاده؟ وكيف ينسى حليب الأرض والعرض؟
أيتها العاشقة في زمن الحروب : ما مر عام ليس في نهر من دماء، وتأتي أنت تجرحين؟ والثورة المقدسة في القلب لا على حائط يميل ،وليس العجيب بجرح قد يضاف إلى آلاف الجراح،وإنما العجب كيف سمحت لك الجراح أن تمري للفؤاد ؟
وكيف تبدلت نسمة الصبح إلى مساء؟ وتمثلت في حواضر وردنا قطيعة،وضاع في ظلمة الليل الحنين.
لا تقلقي،فزوارق الأعداء قادمة وصدري كعبة العشاق،وقلبي دون تراب أرضي، وزيتونة زرعها أبي،سأموت دونها،ولن يدخل الأعداء طهر مدينتي على بصري،فأنا وطفل راسم الوطن الكبير يدا بيد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى