والمخفي أعظم

والمخفي أعظم
د. هاشم غرايبه

في الحرب الأمريكية العدوانية على العراق وما تلاها من حروب بذريعة محاربة الإرهاب، ظهر مسمى منظمة غامضة تسمى “بلاك ووتر”، كانت تقوم بمهام قتالية الى جانب الجيش الأمريكي، عرفت على أنها تضم كتائب من المرتزقة المدربين على العمليات الصعبة، وهم قتلة محترفون، ونسبت إليهم كثير من الفضائع والأفعال المحرمة في الأعراف الدولية.
لم يكن يعرف عنها الكثير الى أن ظهر كتاب بالغ الأهمية بعنوان “بلاك ووتر” للصحفي الأمريكي” جيرمي سكيل”، كما نوه الى أهميته السفير الأمريكي السابق في العراق “جوزيف ويلسون”.
يكشف الكاتب خفايا هذه المنظمة فيقول انها الذراع العسكري لمنظمة”فرسان مالطا” التي تنتمي الى آخر الفلول الصليبية، فبعد هزيمتها وخروجها من بلاد الشام، اتخذت مقرا لها في مالطا.
يقع المقر الرئيسي للمنظمة حاليا في العاصمة الإيطالية روما، ويحمل اسم “مقر مالطا”، ويرأسها (البرنس أندرو برتي) الذي أُنتخب عام 1988، ويعاونه أربعة من كبار المسئولين وقرابة عشرين من المسؤولين الآخرين.
هي منظمة تقوم بدور دولة، لكنها دولة اعتبارية بكل المعايير، فرغم انها بلا أرض أوحكومة أو شعب، إلا أن لها 96 سفارة افتراضية حول العالم، ولها في الدول العربية 6 سفارات سرية، هي في: مصر والمغرب وموريتانيا والسودان والأردن ولبنان، بينما ليس لها تمثيل دبلوماسي في إسرائيل، وهنا يكمن السر.
بدأ ظهور فرسان مالطة عام 1070م، تحت غطاء هيئة خيرية، أسسها بعض التجار الإيطاليين، لرعاية مرضى الحجاج المسيحيين، في مستشفى (قديس القدس يوحنا) قرب كنيسة القيامة ببيت المقدس، وكان هؤلاء يمارسون عملهم في ظل سيطرة الدولة الإسلامية، وبعد الحملة الصليبية الأولى عام 1097 ، تحولوا إلى نظام فرسان عسكريين على يد “ريموند دو بوي”، وباركهم البابا “أنوست الثاني” علم 1130 لدورهم الهام في دعم الجيوش الصايبية.
بعد طرد الصليبيين هربوا الى قبرص عام 1291 ثم احتلوا رودس وطردوا منها المسلمين عام 1308 ، وكان مسماهم “فرسان المستشفى”، ثم منحهم “شارل كنت” جزيرة مالطا عام 1530 فغيروا اسمهم الى “فرسان مالطا” وكانوا يعتاشون من القرصنة لسفن المسلمين.
بعد الثورة الفرنسية وطردهم من مالطا وفقدهم دولتهم ذهبوا الى أمريكا، ووجدوا ضالتهم في منظمة “كوكلوكس كلان” الإرهابية العنصرية وتعتنق الكاثوليكية مثلهم.
بعد احتجاب طويل في أمريكا عاد تنظيم الفرسان عام 1990 بقوة الى مالطا، وعقدوا اجتماعا حضره 500 شخص معظمهم قساوسة ينتمون الى 22 دولة.
واستعادت دولة الفرسان الجديدة تواجدها، والمعلن أنها تعتمد في دخلها على تلقى التبرعات بحجة إنشاء المستشفيات، ويبلغ عدد المتطوعين المتبرعي حوالي نصف مليون من اوروبا وامريكا، ويمنح هؤلاء لقب فارس، لكن مصدر الدخل الحقيقي سري ويأتي لقاء خدمات مأجورة من الراعي الرسمي (أمريكا) والأنظمة التابعة.
كشف ذلك صفقة موثقة رسميا بقيمة 27.7 مليون دولار عقدها البنتاغون مع مكتبها المسجل في الولايات المتحدة تحت مسمى “بلاك ووتر لتقديم خدمة الحماية”، تحت حجة حماية “بريمر” و”نغروبونتي” و “زلماي خليل أزاد”، ومن الواضح أن ذلك لقاء عمليات سرية، فحماية هؤلاء لا تكلف هذه المبالغ الطائلة.
ويبدو أن كل الأعمال الإرهابية التي جرت في العراق بُعيد الإحتلال لوأد المقاومة بإشعال الفتنة الطائفية كانت من إعداد هؤلاء، وبالتنسيق مع عملاء الأمريكان من أزلام النظام الطائفي، حيث كان يلاحظ دائما غياب أية قوة سيطرة قبيل أي تفجير.
وما انكشف حجم هذه المنظمة إلا بعد مقتل أربعة من موظفيها الذين كانوا يستكشفون مواقع المقاومين في الفلوجة يوم 31/3/2004 حيث قامت بعدها بأعمال انتقامية مروعة، بحق المدنيين العزل.
من غير المتوقع أن يكشف من هم في موقع السلطة عن أسرارها، بسبب أن سياسة البنتاجون أصبحت تميل الى استئجار خدماتها بدل التورط المباشر، فهي ما زالت متعاقدة معها.
وتبين فيما بعد دور هذه المنظمة في دارفور وجنوب السودان في تدريب المتمردين وفي ترتيب أعمال بشعة مثل مقتل الأقباط في ليبيا وغيرها من أعمال نسبت الى تنظيم القاعدة بلا اي دليل جرت في مختلف أرجاء العالم ، ومازال يلفها الغموض، ولا يتوقع أن يتبرع المتعاقدون معها من فرسان (الحرب على الإرهاب)، بالإفصاح عن تلك العمليات، الى أن يصحو ضمير أحد المشتركين التنفيذيين فيها فيعترف بأفعالها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى