مواطن غب الطلب..

مواطن غب الطلب..

د.فلاح العُريني

#كنت_أردنياً عندما كان رغيف الخبز في متناول الجميع، وكان رغيفنا خطاً أحمراً، أما اليوم وقد أصبحت استجدي المعونة الوطنية كل يوم لاستفسر عن دعم الخبز، وأصبح الرغيف ثمناً للحرية، وأجراً للعبودية، فأنا إذن لاجئٌ بامتياز.

#كنت_أردنياً عندما كانت قناة عمان الأولى تجمعنا حول مسلسل جلوة راكان وراس غليص وجرحك ياذيب، والراديو يزأر بصوت المرحوم مازن القبج وسمر العزيزي في برنامج مع المزارع، أما اليوم وقد اصبحت قناة التلفزيون الأردني تفرِّخ قنواث شاذة تجمع حولها رواد مسلسل جن ورامز مجنون رسمي واغاني ابوس الواوا، وشرَّقت والنية اربد وغرَّبت والنية مادبا، وشمَّلت والنية الكرك، وقبَّلت والنية الطفيلة، حيث مزقونا إلى أربعة جهات بلا هوية ولا مواطنة، فأنا إذن لاجئاً بامتياز.

مقالات ذات صلة

#كنت_أردنياً عندما كان الشعب يعود في أصوله إلى إحدى الرئتين الشريفتين الشرقية والغربية والولاء ممزوج فينا، وتجمعنا وحدة الدين والدم والاحزان والنسب والمصاهرة، أما اليوم وقد أصبح كل العالم مجنساً أردنياً حتى الجد السابع، وماعدنا نعرف أصولنا، وأصبحت جوازات السفر تباع في سوق الحسبة لمن هب ودب، واصبحت الواننا باهتة، وغرباء رغم اصالتنا، وضيوفاً رغم ملكيتنا، وعابري سبيل رغم جذورنا، فأنا إذن لاجئاً بامتياز.

#كنت_أردنياً عندما كان المرشحين للمجلس النيابي معدودين على اصابع اليد الواحدة، ولا أحد غيرهم يجرؤ ان يتقدم لهذا المنصب لأن كلمة نائب كان لها وزنها واحترامها، أما اليوم وقد مد الجميع حافره نحو القبة وضاعت هيبة النائب الذي جاء للتكسب والسلب، حتى أصبحت النيابة مهنة كمهنة الشحاد يستجدي من خلالها ويسرق من خلالها ويحتال من خلالها حتى تقدم الجميع لخوض غمار هذا العرس الديمقراطي العرفي بلا شهود ولاعقود، فقط اكتفوا بالمال السحت مقدما، والشيكات والتنفيعات مؤخرا، والخلوة الشرعية التي تجمع النائب بالحكومة على فراش العبودية، حتى كاد إبني أن ينافسني على الترشح لولا العمر الذي يتعارض مع القانون، فأصبح المرشح حشوة والنائب سمساراً والناخب ضحية، فأنا إذن لاجئاً بامتياز.

#كنت_أردنيا عندما كانت الضرائب واضحة ومحددة ولاتتجاوز ضريبة المسقفات والأبنية، أما اليوم وقد أصبحنا ندفع ضرائب وهمية وخصومات ومتفرقات ومطبوعات، وندفع لصناديق السلب والنهب، والدفع لايجوز شرعاً الا عن طريق فواتيركم، فأنا إذن لاجئاً بامتياز.

#كنت_أردنياً عندما كان الوطن للجميع، وخيراته للجميع، وربيعه وخريفه للجميع، أما اليوم وقد احتل المتنفذون الوطن واقتسموه فيما بينهم كغنائم معركة أحد، فمنهم من احتل الكرك واستوطن البوتاس، ومنهم من احتل الطفيلة واستوطن الفوسفات، ومنهم من تزعم الهيئات المستقلة الدخيلة على سياستنا الأردنية، حتى الغرباء تحت مسمى مستثمر احتلوا جنوب الطفيلة واستوطنوا ماء لحظة ولوثوها برعاية شركة لافارج، ومزقوا الأرض وغدروا بالسكان بموجب عقود إذعان برعاية طاقة الرياح، فأنا إذن لاجئاً بامتياز.

#كنت_أردنياً عندما كانت الحقوق تحترم ومرجعيتها الدستور والقانون والانظمة والتعليمات، أما اليوم وقد اصبحت الحقوق تنتزع انتزاع والحياة ثمنها، والحقوق يتم اغتيالها بالقوة والبلطجة، فأنا إذن لاجئاً بامتياز. #كنت_أردنياً عندما كانت السياسة واضحة، ومدلولها واضحاً، وصانع القرار واضح الدلالات، والولاء للوطن، أما اليوم وقد أصبحنا ننام على سياسة ونصحوا على أخرى ولانعرف الدرب لوين مودينا، واصبحت البلاد تدار بعز أزماتها من قبل أشخاص لايشبهوننا ولانعرفهم ولايعرفوننا، أشخاصا يمتلكون رزمة من جوازات السفر حسب الحاجة، وعيونهم واحدة على الكرسي وأخرى على الخزينة، فأنا إذن لاجئاً بامتياز.

#كنت_أردنياً وسأبقى أردنياً وسيتحرر الاقتصاد والانسان.. سيتحرر الفكر والانسان.. سيتحرر القرار والانسان.. ستتحرر الفوسفات والانسان.. ستتحر البوتاس والانسان.. ستتحرر جامعاتنا وديوان الخدمة المدنية ومؤسسة الضمان الاجتماعي، وسينطلق الباص السريع بكل قوة، حاملاً معه رفات الفاسدين. وسأغني أنا ومن يشارك منشوري هذاً..

أردن أرض العزم أغنية الظبى.. نبت السيوف وحد سيفك ما نبا. في حجم بعض الورد إلا إنه.. لك شوكة ردت إلى الشرق الصبا.

فرضت على الدنيا البطولة مشتهى.. وعليك ديناً لا يخان ومذهبا.

في حجم بعض الورد إلا إنه.. لك شوكة ردت إلى الشرق الصبا.

وفدت تطالبني بشعر لدنة.. سمراء لوحّها الملام وذوّبا.

من أي أهل أنت قالت من الألى.. رفضوا ولم تغمد بكفّهم الشبا.

فعرفتها و عرفت نشأة أمة.. ضربت على شرف فطابت مضربا.

غنيّتها كل الطيور لها ضحىً.. ويكون ليل فالطيور إلى الخبا.

إلاك أنت فلا صباح و لا مسا.. إلا في يدك السلاح له نبا.

شيم أقول نسيم أرز هزّني.. وأشد كالدنيا إلى تلك الربى.

#د_فلاح_العريني #Dr_Falah_Alorainy

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى