الدستور..أهميته ووجوب حمايته / نايف المصاروه

الدستور..أهميته ووجوب حمايته

الدستور هو القاعدة التي يعمل بمقتضاها.
كما يعرف الدستور في الإصطلاح المعاصر، ووفق المبادئ العامة للقانون الدستوري، على أنه مجموعة القواعد الأساسية ،التي تبين شكل الدولة، ونظام الحكم فيها ملكي أم جمهوري، وطريقة تشكيل الحكومات ”رئاسية أم برلمانية’،’ وينظم عمل السلطات العامة التشريعية والقضائية والتنفيذية ،ويبين حدود كل سلطة ،والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها .
كعربي الهوى،ومسلم الهوية والنوى،أقر بأن أعظم الدساتير وأصدقها وأفضلها على اﻹطلاق،هو القرآن الكريم،وما جاء في صحيح السنة عن سيد المرسلين نبينا محمد صلوات ربي وسلامه عليه،ذلك بأنهما تنزيل من الحكيم العليم سبحانه،لا يطرأ عليهما أي تعديل،ولا يخضعان لأي تبديل” لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ” الآية 42 فصلت،من اتبعهما كان على الرشاد والهدى،ومن تنكب هداهما ضل وغوى”وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) الأنعام.
لما عطلت أحكام الشريعة،واستبدلت بإحكام ودساتير،صنعها الناس واجتهدوا في رسمها ،فأصابوا وأخطأوا كثيرا، وﻷن طبع النفس البشرية هو الخطأ والنسيان ، فلا غر ولا عجب ،أن يغيروا في كل حين وآن ،يجتهدون فيعدلون ويبدلون على نصوص الدستور ،ثم يقولون عنها ..تعديلات جوهرية.
وإنطلاقا من ذات الدستور ،فإنه يجب أن تشرع كل القوانين والأنظمة والتعليمات، بما ينسجم مع القواعد الدستورية وإن أي قانون أو نظام أو تعليمات، إذا خالف أي قاعدة دستورية ،يكون باطلا وغير قانوني،وغير ملزم دستوريا.
لا أريد الخوض في شأن التعديلات الدستورية،وإنما ساقف وأستعرض،كم هي انتهاكات الدستور.
نصت الفقرة 1 من المادة 23 على –
العمل حق لجميع المواطنين ،وعلى الدولة أن توفره للاردنيين،بتوجيه الإقتصاد الوطني والنهوض به.
الحكومة التي انيط بها حماية الدستور وتنفيذ احكامه،أعلنت انها ستوفر 30 الف فرصة عمل للأردنيين،وهذا إعلان جميل لو أنه طبق على أرض الواقع ،ولكنها عجزت عن ذلك ،ولم تتمكن من الوفاء،لأن الجهاز الحكومي متخم وهناك فائض من القوى البشرية ،ممن تم توظيفهم سابقا ولاحقا بطرق شتى،فأصبحوا عبئا على الموازنة العامة.
كما ان القطاع الخاص يعاني من الكثير من المشكلات،ولديه أيضا فائض بالموارد البشرية، وحتى العمل في هذا القطاع ،غير مجدي او مشجع،من نواحي ضعف الأجور، وانعدام الضمانات على البقاء والإستمرار احيانا.
ولم تقم الحكومة بالتوجه نحو اﻹقتصاد المستدام،أو البحث الحقيقي عن روافد دائمة للخزينة العامة،وفي كل مرة تواجه فيها الموازنة عجزا ماليا ،يتم فرض ضرائب جديدة ،فاصبح جيب المواطن،هو كنز الحكومة التي تغير عليه في كل حين وآن حتى انهكته بكثرة الضرائب والرسوم،مما تسبب تلقائيا في ارتفاع الأسعار ،والتي يقابلها تدني الاجور.
وبدلا من البحث ﻹيحاد حلول لمشكلات عجز الموازتة وزيادة حالات الفقر وارتفاع معدل البطالة، قامت الحكومة مؤخرا بإعتداء خطير على الدستور،تمثل وبإعترافها بمنحها ل 138 الف تصريح عمل للآجئين السوريين،ناهيك عمن يعملون بدون تصريح .
وأستغرب سكوت وصمت محلس النواب عن هذا اﻹعتداء ، والذي يشكل أيضا إعتداء على حق المواطن اﻻردني في العمل،بعد أن أغلقت في وجهه الكثير من أبواب العمل .
مع كل الإحترام لكل عربي ولكل مسلم ولكل انسان انى كان ،وحقه في الحياة الكريمة ،والعمل المناسب له، لكن الضيف الزائر أو السائح أو حتى الآجئ ،فلا يحق له أن يعمل ، سواء سمحت الحكومة بذلك،او هو خالف قانون العمل ،لأن عمله هو اعتداء على حق مقدس لمواطني الدولة ،وأهل اﻻرض وحماتها عند الشدائد،ممن يدفعون الضرائب والرسوم صباح مساء ،وهنا أطرح مجموعة بعض التساؤلات:-
هل لدى الحكومة إحصائية دقيقة عن أعداد العاملين من الآجئيين السوريين وغيرهم من العمالة الوافدة من المصريين واليمنيين وغيرهم،ممن يعملون بغير تصريح رسمي!
وهل لدى الحكومة دراسات حقيقية عن الأبعاد اﻹقتصادية والإجتماعية لمثل هذا الإجراء،ونتائجه على العمالة الأردنية،اذا علمنا أن العمالة السورية او المصرية تتقاضى أجور أقل ،ولديهم نفقات ومصروفات أقل بكثير من العمالة اﻷردنية!
وهل تعلم الحكومة أن أغلب المغادرين،من الآجئيين السوريين هم النساء واﻷطفال ،فيما يبقى الرجال للعمل! وهل الحكومة على علم أكيد بمجموع التحويلات واﻹرساليات المالية من اﻷردن إلى سوريا ،وأثر ذلك على الإقتصاد الوطني!
مخالفات الكثيرة،واﻹنتهاكات اﻷكثر للدستور تتمثل بالمادة 111،والتي تنص على أنه ”لا تفرض ضريبة أو رسما إلا بقانون”.
هذه المادة واضحة الدلالة، بأنه لا يجوز فرض أية ضرائب أو رسوم إلا بقانون،ولن أتحدث هنا عن قانون ضريبة المبيعات وما فيه من التشوهات،وما سيسببه لاحقا من ويلات على ﻹقتصاد الوطني بشكل عام ،ولكني سأقف على الكم الهائل من الرسوم التي يدفعها المواطن اﻷردني يوميا او شهريا او ربعيا أو سنويا،والتي منها مثلا ما يكون على عقود اﻹيجار،”مثل رسوم رخص المهن،ورسوم جمع النفايات،ورسوم اللوحة والإعلان ،ورسوم الحرف والصناعات،ورسوم تصديق عقود اﻹيجار ،ورسوم الطوابع..ولا أدري ماذا يعني رسوم الطوابع!
أما على تراخيص المهن،فهناك رسوم اﻻسماء التجارية،
ورسوم السجل التجاري.
أما على فاتورة شركة الكهرباء،فيتم جباية مجموعة من الرسوم ،منها فرق أسعار الوقود،وهو رسم تم استحداثه مؤخرا من قبل الحكومة ،ورسوم أجرة العداد،مع أن العداد مدفوع ثمنه أصلا قبل تركيبه،ورسم التلفزيون ،ورسم النفايات،ورسم فلس الريف،وبما أننا نتحدث عن الطاقة ،فواجب أن أشير إلى سلسلة الرفع الذي هو أكثر من الخفض ﻷسعار المشتقات النفطية،رغم إنخفاضها عالميا احيانا.
أما شركة مياهنا.. فتقوم كذلك بجباية مجموعة من الرسوم ، من خلال فاتورة المياه،فعدا عن أثمان المياه،هناك رسوم أجور الصرف الصحي ،ورسوم تحت مسمى”المبلغ الثابث”، فماذا يعني المبلغ الثابت وما هو السند الدستوري والقانوني لجبايته؟.
أكتفي ببيان هذه المخالفات ،وهذا التعدي الواضح على الدستور،ﻻقول إن الدستور لا يكون له هيبته في نفوس الناس،إلا إذا تم احترام نصوصه والوقوف عليها، من قبل كل السلطات،وخاصة فيما يتعلق بأمر الضرائب والرسوم التي أثقلت كاهل العامة،وزادتهم فقرا،زيادة على حالة الفقر التي يعيشونها.
وهنا أسأل ما هو السند الدستوري الذي يجيز للحكومة جباية رسوم فلس الريف ،ثم إنفاقه كمكافآت للموظفين،وعلى ذلك موافقة مجلس الوزراء خطيا بموجب كتاب الرئاسة رقم 25804 تاريخ 26/6/2019،والموجه لوزير الطاقة؟.
وكيف لوزير أن يفرض رسوما على قطاع الطاقة البديلة؟
وكيف لمدير دائرة الجمارك مثلا ان يخاطب أمين عام وزارة الصناعة،يعلمه بكتابه رقم 28671،انه وبناء على كتاب غرفة تجارة الاردن،والذي مفاده شكوى من تجار ،قرر أن يستحدث،ويفرض رسوما بحجة حماية الصناعة المحلية.!.
وكيف لشركات ان تفرض من تلقاء نفسها رسوما تحت مسميات ظالمة يدفعها المواطن مكرها.
أليس هذا تعدي على هيبة الدستور اولا ،ثم تعدي على حقوق الخلق ،وهدر لأموالهم بغير وجه حق؟
إن كان للدستور أهمية ،فإن الواجب حمايته،والعمل على تطويره،بما يتوافق مع كل حديث ،كما يجب أيضا أن تكون نصوص ومواد الدستور واضحة،لا لبس فيها ،حتى لا يكون عرضة ﻹي إجتهاد ،من الممكن أن يكون فيه إعتداء على هيبة الدستور ومكانته.
ﻷن كثرة العبث بالدستور والتعدي عليه،سيؤدي حتما إلى أمورا لا تحمد عقباها ،ظهر منها جليا كثرة التبرم،وكثرة التشكي،وتقليل او عدم استخدام الخدمات التي تقدمها الحكومة،، وهذا أمر ملموس ومشاهد وواضح للعيان، أو اﻹمتناع احيانا عن دفع تلك الرسوم،ﻷن كثيرا من العامة لم يعد لديهم ما يكفي لنفقاتهم أو شراء احتياجاتهم الضرورية.
وإن الواجب يحتم على الملك،رأس كل السلطات،أن يتدخل شخصيا ،واﻹيعاز بإعادة صياغة نصوص الدستور التي هي عرضة للإجتهاد ،حتى يحفظ الدستور ويصان ويمنع التعدي عليه في كل حين وآن .
كما أن الواجب يقتضي على السلطة التشريعية،أن تقوم بواجبها الدستوري تشريعا،بما يتوافق مع نصوص الدستور، ورقابة على أعمال الحكومة ومحاسبتها على كل خروقاتها وانتهاكاتها للدستور ومساءلتها عن ذلك ،ومنعها من تكرار ذلك ،وبيان تلك المخالفات،وإزالة كل التشوهات، وإعادة تصويبها بما يتوافق مع نصوص الدستور،حتى تحفظ له هيبته،وحتى تحفظ للوطن سمعته ،وللمواطن كرامته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى