الخطأ الشائع في تعريف العلم النافع

#الخطأ_الشائع في تعريف #العلم_النافع

د. #عبدالله_البركات

في الحديث الشريف (اللهم اني اعوذ بك من علم لا ينفع )دعاء نبوي عظيم يجب ان يعاد فهمه في سياق العلم الحديث والتجربة الانسانية الطويلة.
فقد كان يفهم منه ان العلم الذي لا ينفع معروف للجميع او على الاقل يمكن للفقيه تحديده.
وقالوا (هو العلم الذي لا يحتاج إليه، ولا يوجد إذن شرعي في تعلمه، ولا تصل بركته إلى قلب صاحبه)،

هذا التعريف قد يكون قيداً على العقول فما دخل الفقيه بالموضوع اذا كانت العلوم اكثر مما يمكن حصره. وما معرفة الفقيه بمآلات العلوم والى اي نتيجة تنتهي بداياتها.
فمن كان يدري ما تنتهي اليه عمليات الرصد التي قام بها علماء الفلك الاوائل قبل قرون وهل كانت تبدو للفقيه ولعامة الناس اكثر من لهو صبياني. ومن كان يدري ان معادلات الخوارزمي لها ما بعدها بعد قرون ومن كان يعلم ان محاولات عباس بن فرناس والاخوين رايتس ستجعلنا ننعم بالبث المباشر من البيت الابيض. ( قد يعترض احد على المثال) ومن كان سيقرر هل تجارب رونتجن ستؤدي الى الصورة الطبقية بعد السينية. وما نفع من انكب على حساب سرعة الضوء وما فائدة اكوام التراب التي عفرت وجه ماري كوري ومن ضمن لها ان تكتشف الراديوم وما حاجتنا إلى الراديوم اصلاً.
هم لم يكونوا يعلمون مآلات ابحاثهم. فما بالكم بالفقيه.
لا نهاية للامثلة المفحمة. ولكنني معني بالحديث الشريف وكيف نفهمه اليوم الفهم الصحيح.
لقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم في جملة ما استعاذ منه بالاضافة الى العلم الذي لا ينفع، بالقلب الذي لا يخشع والعين التي لا تدمع ودعوة لا تستجاب.
وهذه الامور يجمعها رابط واحد. الا وهو انها ليست مما يختاره الانسان. فليس ضمن اختيارك ان يخشع قلبك او لا يفعل او ان تدمع عينك او لا تفعل. والاوضح من هذه كلها انه ليس بارادتك ان تستجاب دعوتك او لا تستجاب. اذاً النبي علمنا الدعاء بها ليهدينا الله الى العلم النافع ويشرفنا عن العلم الفارغ لا لنقرر نحن او الفقيه ما هو الفعل النافع. عليك ان تعمل وان تتابع كل ما يثير شغفك واهتمامك وان تدعو ان لا يكون ذلك بلا فائدة لك او لغيرك في زمنك او اي زمن قادم. انها كالاستعاذة من الدعوة التي لا تستجاب تماماً فأنت تدعو ولا تعلم هل تستجاب دعوتك وانت تتعلم ولا تعلم هل سيكون ذلك علماً نافعا ام لا.
ويبقى ان أقول إن الانشغال بما هو لازم فوراً أولى من الانشغال بما لا يعلم مآله ولكن يجب ان يكون لكل فن من يقوم به. وذلك استفادة من قوله تعالى. (وما كان المؤمنون لينفروا كافة، فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة).

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى