الحكمة خير كثير

بسم الله الرحمن الرحيم
#الحكمة #خير كثير

#ضيف_الله_قبيلات

رحم الله إمرءا عرف قدر نفسه فأنّى لمثلي ان يتحدث عن #الحكمة او يتحدث في الحكمة ، غير أني وقد قرأت في كتاب الله الكريم قوله جل جلاله ” يُؤتِ الحكمة من يشاء ومن يُؤتَ الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ” وقد أُمرنا بالتفكر و التدبر فرغبت في ذلك .

وعند التفكر في هذا الخير الكثير وقد علّمنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ان الحكمة ضالة #المؤمن انّى وجدها فهو أحق بها رأيت أن أطرح بعض التساؤلات للتفكر في هذا الخير الكثير المنثور في الكون .

مقالات ذات صلة

ما هي الحكمة ؟ ، ما الحكمة من ذلك القول ؟ ما الحكمة من ذلك الفعل ؟ ويا ترى هل الحكمة هي هبة من الله يهبها لمن يشاء دون بذل جهد من الناس في هذا الاتجاه ؟ وانه لا طريق آخر يسلكه الناس بالعلم أو بكثرة التجارب لتحصيلها ؟ وهل هذه الهبة العظيمة هي فقط للمؤمن أم انها للمؤمن و الكافر على السواء ؟ .

ورد في الحديث الشريف ” ان من الشعر لحكمة ” وقد عرف ذلك عند بعض #شعراء_الجاهلية ، ثم أليست الحكمة هي التي جعلت ملك مصر يجعل يوسف عليه السلام على خزائنها يومئذ ؟ .
و ورد في الحديث الشريف أيضا : ” أتاكم اهل اليمن هم ألين قلوبا و أرق أفئدة ، الايمان يمان و الحكمة يمانية ” ، ترى هل يؤكد هذا الحديث العلاقة بين لين القلب و رقة الفؤاد و بين علو كعب صاحبها في الايمان و الحكمة ؟.

اما الحكمة في اللغة فهي القول الاحسن و العمل الاتقن ، و قيل ان شعر الحكمة قديما يعلم الناس التعقل و يبعدهم عن السّفه ، و الحكمة للفرس هي اللجام الذي يضبط حركة الفرس بيد الفارس .
اما الحكمة اصطلاحا فهي الاصابة في القول و العمل بموافقة الكتاب و السنة و قال ابن عباس الحكمة معرفة القرآن فقهه و نسخه و محكمه و متشابهه و غريبه ، و الحكيم اسم من اسماء الله الحسنى و افعاله جل جلاله كلها بالحكمة أي الخير المطلق قولا و عملا ، وقد قيل ان اركان الحكمة البشرية هي العلم و الحلم و الاخلاص و الاناه و آفاتها الجهل و الطيش و العجلة و الهوى .

وهنا يجدر بنا ان نتساءل ايضا هل الحكمة هي القرآن وحده ام القرآن و السنة ام يضاف لها أشياء اخرى تسمى الحكمة و ذلك لقوله تعالى ” و يعلمهم الكتاب و الحكمة ” و قوله تعالى ” و اذكرنَ في بيوتكنّ ما يتلى من آيات الله و الحكمة” وقد قيل في هذا انه عطف الخاص على العام .

اما قوله جل جلاله ” ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن ” ففيه ثلاث وسائل للدعوة اما الثالثة فهي واجب مجادلة أهل الكتاب لكن باسلوب حسن و هو أمر تقتصر فيه الحكمة على القول فقط ، اما الثانية فهي الموعظة الحسنة وهي ايضا امر تقتصر فيه الحكمة على القول فقط اما الاولى وهي الحكمة فقد سبق تبيان انها تشمل القول و العمل ، وقد يكون هذا ما يفسر استخدام الرسول صلى الله عليه وسلم و اصحابه للسيف في مواضع لم يغنِ معها القول شيئا لا بالموعظة الحسنة ولا المجادلة بالتي هي أحسن وهنا نتساءل من جديد ، هل يعتبر استخدام السيف من الحكمة ؟ وقد علمنا قول الله جل جلاله ” كُتب عليكم القتال وهو كُره لكم.

وبما ان الحكمة قد تكون كلمة او جملة او بيتا من الشعر او تصرفا او قرارا، فقد قال الشاعر زهير بن ابي سلمى :
ومن هاب اسباب المنايا ينلنه .. وإن يرقَ اسباب السماء بِسُلّمِ
كما قال الشاعر محمود سامي البارودي شعرا في الحكمة :
ومن تكن العلياء همة نفسه .. فكل الذي يلقاه فيها محببُ
ترى هل العلياء هنا هي الجنة ؟ ام الشهادة ؟ ام هي كل علياء في الدنيا و الاخرة .

اما المتنبي فقد قال في الحكمة :
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا .. مُضِرّ كوضع السيف في موضع الندى .
وهذا يعني ان هناك مواضع يجب فيها استخدام السيف هذا ما قاله المتنبي لكن ما قول الشرع الحنيف ؟ .

الم يقل سيد الحكماء محمد بن عبد الله صلوات ربي و سلامه عليه و اله ” من لي بكعب بن الاشرف ؟ و جيئ له برأسه ؟ ثم ألم يُعْمل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه و اصحابه في رقاب أقاربهم المشركين يوم بدر و يوم أحد ؟ ثم ألم يأمر أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه خالد ابن الوليد بإعمال سيفه و سيوف المسلمين في رقاب المرتدين ؟ .

لكن بالمقابل ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اليوم يوم المرحمة ” حين سمع أحد الصحابة يقول ” اليوم يوم الملحمة “يوم فتح مكة و تحريرها ؟ .

وهنا نجد انفسنا أمام تساؤل آخر ايضا ” هل العفو عند المقدرة من الحكمة ” ؟ طبعا لا شك في ذلك لكن ماذا يمكن أن نسمي ” العفو قبل المقدرة ” كالعفو عن اليهود قبل تحرير فلسطين مثلا ، هل يسمى ذلك عجزا ؟ام سذاجة ؟ ام تضييعا للحقوق ؟ ام هو اطلاق يد المنافقين و أعداء الاسلام في ديار المسلمين ” سرحي مرحي ” .

صحيح اننا في هذا الزمان احوج ما نكون للحكمة في ديار المسلمين ، لكن نخشى ان يفهم البعض أن الحكمة هي أن ترضى بالواقع السيء المخالف لشرع الله مع ان هذا الواقع السيء هو بأمس الحاجة لإعمال جميع صنوف الحكمة فيه لمعالجته و اصلاحه ، فإن صلح بالموعظة الحسنة فبها و نعمت وإلا فإن الله تعالى قد رخص للمسلمين استخدام وسائل شرعية معروفة لتغيير هذا الواقع السيء لتكون كلمة الله هي العليا ، وقد جعل الله له سيوفا من البشر كان أحدهم خالد ابن الوليد رضى الله تعالى عنه .

وهذا لقمان الحكيم يوصي ابنه بقوله ” يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ” ثم اوصاه ببر الوالدين و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أخبره أن ذلك سيسبب له معاناه شديدة فقال يوصيه ” وأصبر على ما أصابك أن ذلك من عزم الامور” ، وكل ذلك من الحكمة .

ومن واقع آثار و مظاهر الواقع السيء في بلاد المسلمين نتساءل هل من الحكمة أن أغادر حزبي الاسلامي أو جماعتي الاسلامية بسبب اختلاف اجتهادات في أسلوب العمل و ازهد بالنصح و التناصح الداخلي وإن طال و أذهب لممارسة النصح و التناصح المطول مع الانظمة العلمانية و اصبر على فسادها و جورها و مماطلتها و خداعها و تزويرها ولا أصبر على حزبي أو جماعتي .. فهل هذا الفعل من الحكمة ؟ .. أو أن فيه ذرة من الحكمة ؟ .

وهل من الحكمة أن أتجرأ على الخروج على حزبي أو جماعتي و أجيز ذلك و استسهله ولا اتجرأ على الخروج على الانظمة العلمانية و اعتبر الخروج عليها غير جائز ؟ واذا خرجت على الانظمة العلمانية فانا من الخوارج و اذا خرجت على حزبي او جماعتي فلست من الخوارج ؟ترى هل ذلك من الحكمة ؟ ام انه ليس من الحكمة في شيء ؟ و يستمر التساؤل عن الحكمة والله تعالى أعلم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى