سواليف
لا يعد التوجه إلى مشعر منى في يوم التروية ركنا أساسيا من أركان الحج، بل هو سنة عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
ويوم التروية هو الثامن من شهر ذي الحجة، الذي يوافق اليوم السبت لهذا العام، وسمي بهذا الاسم لأن منى كانت محطة بين مكة وجبل عرفات “يرتوي” بها المسلمون بحصة ماء، ويستريحون فيها قبل توجههم إلى صعيد عرفات.
وفي يوم التروية، يستحب التوجه إلى منى – القريبة جدا من مكة – قبل الزوال (أي قبل ظهر الثامن من ذي الحجة)، حيث يصلي الحجاج هناك الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وأخيرا فجر يوم الوقفة.
كما يستحب أداء الصلوات الرباعية قصرا دون جمع في يوم التروية.
وبعد طلوع شمس يوم التاسع من ذي حجة، يمضي الحجاج إلى عرفات ملبين ومكبرين وذاكرين لله للوقوف في صعيدها وتمضية أكبر ركن من أركان الحج
أعمال يوم التروية
1- إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة استحب للذين أحلوا بعد العمرة, وهم المتمتعون أو من فسخوا إحرامهم إلى عمرة من القارنين والمفردين، أن يحرموا بالحج ضُحى من مساكنهم, وكذلك من أراد الحج من أهل مكة. أما القارن والمفرد الذين لم يحلوا من إحرامهم فهم باقون على إحرامهم الأول.
لقول جابر -رضي الله عنه- في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم: “فحل الناس كلهم وقصروا, إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هَدْي, فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، فأهلّوا بالحج” (رواه مسلم). قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: “فإذا كان يوم التروية أحرم وأهلّ بالحج، فيفعل كما فعل عند الميقات، وإن شاء أحرم من مكة، وإن شاء من خارج مكة هذا هو الصواب، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إنما أحرموا كما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم من البطحاء، والسّنّة أن يُحرم من الموضع الذي هو نازل فيه، وكذلك المكيّ يحرم من أهله”(3).
2- يستحب لمن يريد الإحرام الاغتسال, والتنظف, والتطيب, وأن يفعل ما فعل عند إحرامه من الميقات.
3- ينوي الحج بقلبه ويلبي قائلاً: لبيك حجًّا، وإن كان خائفًا من عائق يمنعه من إتمام حجه اشترط، فقال: فإن حبسني حابس فمحلّي حيث حبستني، وإذا كان حاجًّا عن غيره نَوَى بقلبه الحج عن غيره، ثم قال: لبيك حجًّا عن فلان, أو عن فلانة, أو عن أم فلان إن كانت أنثى, ثم يستمر في التلبية “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”، وإن زاد: (لبيك إله الحق لبيك) فحسن؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
4- يستحب للحجاج التوجه إلى منى ضُحى اليوم الثامن قبل الزوال والإكثار من التلبية.
5- يصلي الحاج بمنى الظهر, والعصر, والمغرب, والعشاء, وفجر التاسع قصرًا بلا جمع، إلا المغرب والفجر فلا يقصران؛ لقول جابر رضي الله عنه: “وركب النبي صلى الله عليه وسلم إلى منى, فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر, ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس” (رواه مسلم). ويقصر الحجاج من أهل مكة الصلاة بمنى، فلا فرق بينهم وبين غيرهم من الحجاج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس من أهل مكة وغيرهم قصرًا ولم يأمرهم بالإتمام, ولو كان واجبًا عليهم لبيّنه لهم.
6- يستحب للحاج أن يبيت بمنى ليلة عرفة; لفعله صلى الله عليه وسلم. فإذا صلى فجر اليوم التاسع مكث حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت سار من منى إلى عرفات ملبيًا أو مكبرًا; لقول أنس رضي الله عنه: “كان يُهِلّ منا المهلّ فلا يُنكر عليه، ويكبِّر منا المكبِّر فلا يُنكر عليه” (رواه البخاري بلفظه، ومسلم). وقد أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك, لكن الأفضل لزوم التلبية; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لازمها.
7- ما تم ذكره من أعمال اليوم الثامن يسن للحاج فعلها تأسيًا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وليست واجبة، فلو قدم إلى عرفة يوم التاسع مباشرة جاز، لكن لا بد أن يقف بعرفة محرمًا، سواء أحرم يوم الثامن أو قبله أو بعده. قال الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله-: “ثم يخرج إلى منى من كان بمكة محرمًا يوم التروية, والأفضل أن يكون خروجه قبل الزوال, فيصلي بها الظهر وبقية الأوقات إلى الفجر, ويبيت ليلة التاسع,؛ لقول جابر رضي الله عنه: “وركب النبي صلى الله عليه وسلم إلى منى, فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر, ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس” (رواه مسلم)، وليس ذلك واجبًا بل سُنّة, وكذلك الإحرام يوم التروية ليس واجبًا, فلو أحرم بالحج قبله أو بعده, جاز ذلك، وهذا المبيت بمنى ليلة التاسع, وأداء الصلوات الخمس فيها سنة, وليس بواجب”(