التَعديل الرابع
سلامة الدرعاوي
الجدَيدُ في التَعديل الوزاريّ الرابع هو أن الوزراء الرئيسيين في الحُكومة هم من بادروا للاعتذار عن الاستمرار في الوزارة، فنائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر هو من اعتذر عن استكمال عَمَلِه في الحُكومة، ووزير الماليّة الدكتور عز الدين كناكرية هو الآخر اصرّ على الاستقالةِ احتجاجا على تهميش وزارته في اتخاذ بعض القرارات، وقبلهم جميعاً بادر المعاني وزير التربية وتقدّم باستقالته المُفاجئة، هذه السلوكيات كانت تحدث نادراً في الحُكومات السابقة.
قرار الرزاز باختيار الدكتور العسعس وهو وزير ذو تعليم عاليّ وتعيينه لوزارة الماليّة بهذا الوقت تحديداً يعني انه كان أمام خيارين لا ثالث لهما.
الأول: أن استلام حقيبة الماليّة واجه اعتذارات من عدد من الشخصيات العامة والمسؤولين السابقين والحاليين لتوليّ الوزارة لأسباب متعددة، ابرزها: أن هناك اعتقادا سائدا لدى الغالبية بأن حُكومة الرزاز لن تدوم اكثر من سبعة شهور وأنّها سترحل مع النوّاب قبيل الانتخابات المُقبلة، إضافة إلى أن التحدّيات الماليّة التي تواجه الخزينة خاصة والاقتصاد عامة تعتبر استثنائيّة وصعبة للغاية يصعب مواجهتها بالشكل التقليديّ الحاليّ لإدارة الاقتصاد الوطنيّ.
ثانيا: اِختيار العسعس جاء كرسالة للمانحين والمؤسسات الدوليّة وللجهات الداخليّة أيضا باستمرار الحُكومة بذات الأداء الاقتصاديّ الذي كانت عليه قبل التعديل والاستمرار في إطلاق حُزم تحفيزيّة كُلّ فترة وأخرى بهدف إنعاش الاقتصاد الوطنيّ ورفع مُعدّلات النُمُوّ الاقتصاديّ، خاصة وأن العسعس كان ومازال عضواً فاعلاً في الفريق التفاوضيّ مع صندوق النقد الدوليّ.
باقي التعديل الوزاريّ حرص الرزاز أن يكون هناك نوع من المحاصصة في بعض الوزارات، والأخذ بعين الاعتبارات الحِراك في الشّارع وزيادة التمثيل العشائريّ لها كخطوات أمنيّة واحتوائيّة لذلك الحِراك من خلال زيادة تمثيل عشائرهم في الوزارة.
الآن وبعد التعديل الرابع سيتصدر الرزاز تلقائيّاً المشهد العام للحُكومة في الدفاع عن سياساتها وإجراءاتها الاقتصاديّة وسيكون مُجبراً هذه المرّة على الظهور المُستمر في شرح السياسات والقرارات المختلفة، فالنائب السابق له المعشر كان هو من يتولى هذه المهام، فالوزارة اليوم بلا «مايسترو وزاريّ» ولا تتضمن خبرة المعشر الطويلة التي تُعتبر ذاكرة مؤسسيّة للاقتصاد الوطنيّ، فغالبية الوزراء بالفريق الاقتصاديّ لا تتجاوز خبراتهم العامين في العمل العام، وهذا ما يقودنا إلى سؤال حول شكل العلاقة التي ستكون عليها بين حُكومة الرزاز ومجلس النوّاب في دورته الأخيرة التي عادة ما يرتفع سقف المطالبات خلالها، وكثير من النوّاب ما يعودون إلى قواعدهم الانتخابيّة من خلال طرح المطالب المناطقيّة والخدميّة؟.
التَعديل الرابع هو استمراريّة لذات النهج التقليديّ المُتبعّ في اختيار الوزراء، فهناك غالبية منهم لا يعرفون لماذا يأتون، وكثير ممن خرجوا أيضا لا يعملون لماذا خرجوا، هذا الأمر طبيعيّ في ظل غياب الحياة السياسيّة الفاعلة وعدم الاتجاه للحُكومات البرلمانيّة.