التوجيهي و الجامعات

التوجيهي و الجامعات
أ.د عبدالله عزام الجراح

اقتراب أعداد الناجحين في الثانوية العامة في الداخل والخارج من حاجز مائة ألف طالب وطالبة، وهي أعداد هائلة وكبيرة جدا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مجموعة من العوامل التي ينبغي ان نلتفت إليها ويلتفت إليها صناع القرار وأولياء الأمور والطلبة أنفسهم، من الأرقام المخيفة والتي ينبغي أن نقف عندها كثيرا.
ولعل في مقدمة هذه الاعتبارات الرغبة الشديدة لدى جميع الناجحين في الثانوية العامة وأولياء أمورهم بإكمال دراستهم الجامعية بعيدا عما يمكن أن نسميه حاجة سوق العمل- إن كان هناك حاجة أصلا- والتخصصات المتوفرة في الجامعات أيضا. هذه الرغبة الشديدة بإكمال الدراسة الجامعية والمدفوعة بأسباب اجتماعية وتوقعات مستقبلية لا تستند إلى دراسات علمية وموضوعية ، لا بل إلى تكهنات وآمال كاذبة يمني الطلبة والأهل أنفسهم بها .
ديوان الخدمة المدنية ومن خلال مؤشرات العرض والطلب التي أطلقها ويطلقها بهدف توعية الطلبة وتوجيهم نحو التخصصات الراكدة والمشبعة والمطلوبة يكاد يغلق الباب أمام الكثير من التخصصات لان نسب التعيين بشكل عام منخفضة جدا إذا ما قورنت بأعداد الخريجين. وهنا تبرز مجموعة من الأسئلة والتي ينبغي طرحها بقوة، فأين يذهب الطلبة ؟ وأين يذهب المائة ألف أو يزيدون؟ ماذا يفعل الطلبة وذووهم الذين لم يفيقوا بعد من فرحة النجاح بعد إذا؟ ماذا سيفعلون والجامعات الحكومية والخاصة قد أعدت العدة لقبولهم في برامج وتخصصات راكدة جدا؟ لا بل وتتنافس الجامعات الحكومية والخاصة في تجميل وتزيين هذه التخصصات الراكدة لاستقطاب اكبر عدد منهم .
يبلغ عدد المتقدمين لطلب العمل في ديوان الخدمة المدنية حوالي 392 ألفا، وتبلغ أعداد المعينين سنويا حوالي 9 ألاف، ما يشير إلى أن نسب التوظيف حوالي 3% ، وهنا تبرز خطورة هذه الأعداد الكبيرة من الطلبة التي ستلتحق بالجامعات، وتنفق الدولة والأهل الملايين، لتخرج مجموعة من المتعطلين عن العمل ليضافوا إلى قوائم المتعطلين. هذه الأعداد الكبيرة من المتعطلين عن العمل قنبلة خطيرة يمكن أن تنفجر إن لم يتم معالجتها بصورة شاملة وموضوعية وبأقصى درجات السرعة والحكمة.
مطلوب من الحكومة وأمام هذه المعضلة وفي المدى القريب جدا، أن تتخذ قرارات سريعة و جريئة وبعيدا عن العاطفة بوقف القبول ولو لفترة محددة في التخصصات الراكدة جدا كالتخصصات التعليمية وأي تخصصات راكدة جدا أيضا، والتي يشكل الخريجون فيها النسبة الأكبر بين جميع التخصصات. كما أن الحكومة مطالبة بتشجيع الطلبة على الالتحاق بالتخصصات المهنية و بشتى الطرق والوسائل.
كما ان الحكومة مطالبة باتخاذ تدابير طويلة المدى لإحداث تغييرات في ثقافة المجتمع ومفهومه ونظرته للتعليم، فكما ان التعليم حق للجميع فان الوظيفة الحكومية لن تكون متوفرة للجميع ، وان العمل الخاص والعمل بعيدا عن التخصص والشهادة وإتقان بعض المهارات، قد يشكل العامل الحاسم في وظائف المستقبل.
التوجيهي والجامعات مفهومان متلازمان عندنا في الأردن، و باتا يحتاجان إلى إعادة نظر لتكون العلاقة بينهما علاقة تكاملية ايجابية من اجل مستقبل أفضل.

حفظ الله الأردن

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى