التوجه نحو انهاء خدمات الموظفين

التوجه نحو #انهاء #خدمات #الموظفين

كتب .. الأستاذ #عقيل_العجالين
ان ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع مجددا هو ما رأيته من عدم وضوح وخلط للمفاهيم القانونيه لدى الكثير من المختصين في القانون والعاملين في مجال الحقوق والحريات العامه وكذلك لدى بعض مراكز ومؤسسات حقوق الانسان وذلك بشان صلاحيات ادارة الوظيفة العامه والاشراف على العاملين فيها والتوجه القانوني الجديد بالنسبه لهذا الاشراف فقد ظهر هذا التوجه بشكله الواضح منذ صدور نظام الموارد البشريه قبل عدة اشهر وما جرى من تعديلات على نظام الخدمه المدنيه في ذلك الوقت وكانت ضرورة ولزوم تجديد عقد الخدمه سنويا للموظف العام هي المسألة الأبرز والأهم من بين هذه التطورات القانونيه نظرا لما تتضمنه من تهديد خطير للطمانينه في الوظيفة العامه وللاستقرار الوظيفي للموظف العام ولمن يعيلهم وان جل ما في الامر يتمثل بالضغوط النفسيه لدى الموظفين والتوجس خيفة من التصرف بأسباب عيشهم بطريقه شخصيه اساسها الرغبة والهوى والتحكم بشكل مطلق دون اعتبار لمعايير المصلحة العامه او دون ضمانات.
لذلك فإنه سيتم معالجة هذا الموضوع على النحو التالي :–
1- ان ارتكاز القرار الصادر بشان الموظفين على إرادة وهوى صاحب السلطه هو تطبيق لأنظمة الاستبداد القديمه التي كانت تعطي صلاحية مطلقه لصاحب السيادة او السلطه بحيث لا يجوز لاحد ان يراجعه في قراره او ان يعترض عليه وكان ذلك استنادا الى خرافات تتمثل بقدسية الحاكم باعتباره ممثل الاله في الارض وانه يحكم بخبر السماء حيث كانت إرادة صاحب السلطه هي القانون ويحكم وفقا لما يرتأيه دون التقيد بقانون او اجراءات ذلك ان تلك الانظمه لم تكن تعرف القانون وكانت السلطه تصدر قراراتها باوامر دون بيان اسبابها وبذلك فان ميزان العدل ينمحي وينعدم وجود الحقوق والحريات عن بكرة ابيها وقد كان يعبر عن هذه السلطات في العصور القديمه بعبارة “ان العداله تسيل من ضمير الحاكم او الوالي بحسب الاحوال” ومعنى انها تسيل من ضمير الحاكم او الوالي انها وفقا لارادته وهواه وليس من القانون حيث لم هناك قانون وكذلك لا يجوز مناقشته او مراجعته بشان قراراته وصلاحياته الواسعه(انظر لطفا الدكتور احمد ابو الوفا -أصول المحاكمات المدنيه- صفحه 19 ).
2- بما ان الصلاحيات المطلقه التي اساسها الاراده والهوى الشخصي لصاحب القرار هي مصدر التهديد الذي يتوجس منه الموظفون خيفة وقلقا فان الانظمه القانونيه الحديثه قد الغت الصلاحيات المطلقه التي اساسها الاراده الشخصيه واعلنت براءتها منها جملة وتفصيلا وكان ذلك منذ ظهور الدولة الحديثه بدساتيرها المختلفه التي تعتمد ارادةالقانون كوسيله اساسيه لتنظيم الحقوق والحريات والعلاقات داخل الدوله وقد جرى ذلك على النحو التالي:-
أ‌- ان التنظيم الدستوري والنظام القانوني للدوله في الاردن وفي الدول الحديثه جميعها عندما تخلصت من قواعد النظم القديمه فقد بدات باجتثاث والهوى الشخصي كأساس للقرارات المتعلقة بالشأن العام واتخذت كيفيه معينه- سيتم بيانها في بند لاحق- وبموجب هذه الطريقه وهذه الكيفيه فانه لا احد يخضع لإرادة احد وانما يخضع الجميع لإرادة وسلطان القانون افرادا ومؤسسات حكاما ومحكومين وقد نص على ذلك الدستور الاردني في الماده 6/ 1 بان الجميع امام القانون سواء… هذا هو المقصود بسيادة القانون وهذا هو المقصود بدولة القانون والمؤسسات أي أنه لا احد يخضع لإرادة اي احد اخر او اي جهة او هيئه او مؤسسه مهما كان مسماها وصلاحياتها وانما الجميع يخضع لسلطان القانون ؛ وهذا هو الحد الفاصل بين العبودية والحريه؛ فالخضوع لإرادة لاشخاص والهيئات والمؤسسات رسميه كانت او عامه او خاصه يعني العبوديه ؛ اما خضوع الجميع لسلطان القانون فانه يعني الحريه بمعناها المنظم بين الجميع ؛ لان ذلك يعني المساواه بين الجميع.
ب‌- أما عن كيفة التخلص من الهوى الشخصي والاراده الشخصيه في اصدار القرارات فقد كان عن طريق حصر نطاق البواعث والمقتضيات والاغراض والاهداف في مرحلة تسبق صدور التشريع اي( القوانين والانظمه فالسلطه التشريعيه قبل ان تقر وتعتمد القانون او النظام تكون قد وازنت بين الخيارات والبدائل والاهداف وتضعها في مشاريع قوانين او انظمه مستهدفة في ذلك تحقيق الصالح العام وبعد ذلك يجري اقرارها واصدارها وبصدورها وسريان مفعولها في اقليم الدوله تنقطع اي صله للبواعث والاغراض الذاتيه ويخضع الجميع لمقاصد واغراض النصوص القانونيه وبذلك يتم قطع الطريق على الصلاحيات المطلقه والبواعث – والانتقام الشخصي وكافة صور الاستعباد( انظر لطفا :حكم المحكمه الدستوريه في الطعن الدستوري رقم 5 لسنه 2023 وبذلك يتضح كيف قطعت الانظمه القانونيه الحديثه للدول سبل وذرائع العوده الى نظم الاستبداد القديمه بالقضاء على بذرتها واجتثاث جذورها بمنع البواعث الشخصيه وبخضوع الجميع لسلطان القانون وهذا ما يفسر وجود خصائص للقاعده القانونيه وهي ان تكون عامه ومجرده وملزمه.
ت‌- ج-بما انه قد تم اجتثاث قاعدة.الحكم بالإرادة الشخصيه
واقتلاع جذورها فقد وجب ان تكون هناك طريقه وكيفيه معينه لممارسة الصلاحيات من قبل مؤسسات الدوله والقائمين على ادارتها والاشراف عليها لذلك نصت الماده 120 من الدستور الاردني على ان كيفية تعيين الموظفين وتحديد صلاحياتهم واختصاصاتهم وعزلهم يتم بموجب انظمه يصدرها مجلس الوزراء بموافقه الملك ؛ وبموجب هذه الماده الدستوريه فقد صدر نظام الخدمه المدنيه ليبين هذه الكيفيه المنصوص عليها في الدستور وقد نصت الماده 4 من هذا النظام على اهداف ومبادئ الخدمه المدنيه بان تكون الخدمه المدنيه على اساس سيادة القانون والكفاءه والتميز والشفافيه والمساءله والمحاسبه والحاكمية الرشيده وتكافؤ الفرص وجميع هذه المبادئ والاهداف تستند الى مبادئ العدل والمساواه وبذلك فان نشاطات المؤسسه العامه الحكوميه ستنطلق من هذه الاهداف والمبادئ لذلك نشات في القانون الاداري ما يسمى بقاعدة “تخصيص الاهداف ‘ بان يكون نشاط الوظيفة العامه والقرارات الصادره بشانها وبشان العاملين فيها ترتكز على هذه الاهداف تحقيقا للمصلحه العامه .
د- ان الماده 4 من نظام الخدمه المدنيه واهدافها يجب ان يتضمنها كل قانون او نظام له علاقه بالوظيفه العامه والموظفين العامين والاشراف عليهم لان الماده السابقه من نظام الخدمه المدنيه اساسها هو الماده 22 من الدستور والتي تعتبر ان الكفايات والمؤهلات هي اساس وجود نشاط الوظيفه العامه واستمراره وسيرها نحو المصلحه العامه واستهدافها في كل اجراء او قرار.
من خلال ما تقدم يتضح انه لا وجود لصلاحيات مطلقه يتم ممارستها بحق الموظفين بشكل مطلق دون رقيب او حسيب ؛- مع التنويه الى انه – ومع الاسف – فان الكثير من المختصين في القانون والعاملين في مجال الحقوق والحريات وكذلك مراكز ومؤسسات حقوق الانسان لا زال لديهم الاعتقاد بأن هناك سلطه تقديريه مطلقه لصاحب القرار ؛ سواء كان وزيرا او مديرا عاما او مهما كان مسماه ؛ وان اعتقادهم بأن له ان يصدر القرار الذي يراه باعتباره صاحب صلاحيه في ذلك ؛ وهذا ما دفعني الى العوده الى الكتابه بهذا الموضوع علما بانني قمت سابقا بالتعليق على نظام الموارد البشريه في وقت صدوره.
والسلام عليكم ورحمه الله
وبركاته

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى